سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١ - الصفحة ٢٥٣
روى ثابت البناني: عن عكرمة قال: قدم مصعب بن عمير المدينة يعلم الناس. فبعث إليه عمرو بن الجموح: ما هذا الذي جئتمونا؟ قالوا: إن شئت جئناك، فأسمعناك القرآن. قال: نعم. فقرأ صدرا من سورة يوسف. فقال عمرو: إن لنا مؤامرة في قومنا. وكان سيد بني سلمة. فخرجوا، ودخل على مناف (1) فقال: يا مناف! تعلم والله ما يريد القوم غيرك، فهل عندك من نكير؟
قال: فقلده السيف وخرج، فقام أهله فأخذوا السيف، فلما رجع قال: أين السيف يا مناف؟ ويحك! إن العنز لتمنع استها. والله ما أرى في أبي جعار غدا من خير. ثم قال لهم: إني ذاهب إلى مالي فاستوصوا بمناف خيرا. فذهب، فأخذوه فكسروه وربطوه مع كلب ميت وألقوه في بئر، فلما جاء قال: كيف أنتم؟ قالوا: بخير يا سيدنا. طهر الله بيوتنا من الرجس، قال: والله إني أراكم قد أسأتم خلافتي في مناف. قالوا: هو ذاك، انظر إليه في ذلك البئر. فأشرف فرآه، فبعث إلى قومه فجاؤوا فقال: ألستم على ما أنا عليه؟ قالوا: بلى. أنت سيدنا. قال: فأشهدكم أني قد آمنت بما أنزل على محمد.
قال: فلما كان يوم أحد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم،: " قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين " فقام وهو أعرج فقال: والله لاقحزن (2) عليها في الجنة. فقاتل حتى قتل.
وعن عاصم بن عمر أن إسلام عمرو بن الجموح تأخر. وكان له صنم يقال له مناف، وكان فتيان بني سلمة قد آمنوا، فكانوا يمهلون، حتى إذا ذهب الليل

(1) عند ابن هشام " مناة " انظر " السيرة " 1 / 452.
(2) أي: لأثبن كما في هامش المخطوط. والقحز: الوثب والقلق. قحز يقحز قحزا. قلق ووثب واضطرب. وقد تحرفت في المطبوع إلى " لا نحزن ".
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»