أمير المؤمنين! إن هذا سيبلغنا المقيل (1).
ابن وهب: حدثني عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أن عمر حين قدم الشام، قال لأبي عبيدة: اذهب بنا إلى منزلك، قال: وما تصنع عندي؟ ما تريد إلا أن تعصر عينيك علي. قال: فدخل، فلم ير شيئا، قال: أين متاعك؟
لا أرى إلا لبد أو صحفة (2) وشنا، وأنت أمير، أعندك طعام؟ فقام أبو عبيدة إلى جونة، فأخذ منها كسيرات، فبكى عمر، فقال له أبو عبيدة: قد قلت لك: إنك ستعصر عينيك علي يا أمير المؤمنين، يكفيك ما يبلغك المقيل. قال عمر:
غيرتنا الدنيا كلنا غيرك يا أبا عبيدة (3).
أخرجه أبو داود في " سننه " من طريق ابن الأعرابي.
وهذا والله هو الزهد الخالص، لا زهد من كان فقيرا معدما.
معن بن عيسى، عن مالك: أن عمر أرسل إلى أبي عبيدة بأربعة آلاف، أو بأربع مئة دينار، وقال للرسول: انظر ما يصنع بها، قال: فقسمها أبو عبيدة، ثم أرسل إلى معاذ بمثلها، قال: فقسمها، إلا شيئا قالت له امرأته نحتاج إليه، فلما أخبر الرسول عمر، قال: الحمد لله الذي جعل في الاسلام من يصنع