سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١ - الصفحة ١٧
أمير المؤمنين! إن هذا سيبلغنا المقيل (1).
ابن وهب: حدثني عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أن عمر حين قدم الشام، قال لأبي عبيدة: اذهب بنا إلى منزلك، قال: وما تصنع عندي؟ ما تريد إلا أن تعصر عينيك علي. قال: فدخل، فلم ير شيئا، قال: أين متاعك؟
لا أرى إلا لبد أو صحفة (2) وشنا، وأنت أمير، أعندك طعام؟ فقام أبو عبيدة إلى جونة، فأخذ منها كسيرات، فبكى عمر، فقال له أبو عبيدة: قد قلت لك: إنك ستعصر عينيك علي يا أمير المؤمنين، يكفيك ما يبلغك المقيل. قال عمر:
غيرتنا الدنيا كلنا غيرك يا أبا عبيدة (3).
أخرجه أبو داود في " سننه " من طريق ابن الأعرابي.
وهذا والله هو الزهد الخالص، لا زهد من كان فقيرا معدما.
معن بن عيسى، عن مالك: أن عمر أرسل إلى أبي عبيدة بأربعة آلاف، أو بأربع مئة دينار، وقال للرسول: انظر ما يصنع بها، قال: فقسمها أبو عبيدة، ثم أرسل إلى معاذ بمثلها، قال: فقسمها، إلا شيئا قالت له امرأته نحتاج إليه، فلما أخبر الرسول عمر، قال: الحمد لله الذي جعل في الاسلام من يصنع

(1) رجاله ثقات، لكنه منقطع. وأخرجه عبد الرزاق (20628). وأبو نعيم في " الحلية " 1 / 101 - 102. وهو في " الإصابة " 5 / 288، وفي " الزهد " لأحمد بن حنبل ص: 184: باب أخبار أبي عبيدة بن الجراح.
(2) تحرفت في المطبوع إلى " صفحة ".
(3) إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن عمر، وهو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر ابن الخطاب: أبو عبد الرحمن العمري المدني. قال الحافظ في " التقريب ": ضعيف عابد. ورواية السنن من طريق ابن الأعرابي غير موجودة لدينا حتى نحيل إليها.
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»