ابن أبي بردة على عمر بن عبد العزيز، وهو بخناصرة (1)، فلزم سارية من المسجد، يصلي إليها، يحسن السجود والركوع والخشوع، وعمر ينطر إليه، فقال عمر للعلاء بن المغيرة البندار، وكان خصيصا بعمر: إن يكن سر هذا كعلانيته فهو رجل أهل العراق غير مدافع عن فضل. فقال له العلاء بن المغيرة: أنا آتيك يا أمير المؤمنين بخبره. فأتاه وهو يصلي بين المغرب والعشاء، فقال له: اشفع صلاتك (2)، فإن لي حاجة، فلما سلم من صلاته، قال له العلاء:
تعلم منزلتي وموضعي من أمير المؤمنين، وحالي، فإن أشرت عليه أن يوليك العراق، ما تجعل لي؟ قال: عمالتي سنة، وكان مبلغها عشرين ومئة ألف درهم، قال: فاكتب لي بذلك خطا. فقام من وقته فكتب له خطا بذلك. فحمل ذلك الخط إلى عمر بن عبد العزيز، فلما قرأه عمر، كتب إلى عبد الحميد بن عبد الرحمان بن زيد بن الخطاب، وكان واليا على الكوفة: أما بعد، فإن بلالا غرنا بالله، فكدنا أن نغتر به، ثم سبكناه، فوجدناه خبثا كله.
وقال أبو الحسن المدائني: نظر خالد إلى بلال، يطيل الصلاة، فأرسل إليه: والله لو صليت حتى تموت، ما وليتك شيئا.
قال بلال للرسول: قل له: والله لئن وليتني، لا تعزلني أبدا، قال:
فأرسل إليه فولاه.
وقال عمر بن شبة بن عبيدة النميري: كان بلال ظلوما جائرا، لا يبالي ما صنع في الحكم، ولا في غيره.