تهذيب الكمال - المزي - ج ٤ - الصفحة ١٠٣
لاحدى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة سبع وعشرين ومئتين، وشهده خلق من أهل بغداد وغيرها، ودفن بباب حرب، وهو يومئذ ابن ست وسبعين سنة.
وقال الحسن بن رشيق المصري، عن أبي حفص عمر بن عبد الله الواعظ: كان بشر بن الحارث شاطرا (1)، يجرح بالحديد، وكان سبب توبته أنه وجد قرطاسا في أتون حمام فيه: بسم الله الرحمان الرحيم، فعظم ذلك عليه، ورفع طرفه إلى السماء وقال:
سيدي، اسمك ها هنا ملقى فرفعه من الأرض، وقلع عنه السحاة (2) التي هو فيها، وأتى عطارا، فاشترى بدرهم غالية (3)، لم يكن معه سواه، ولطخ تلك السحاة بالغالية، فأدخله شق حائط، وانصرف إلى زجاج كان يجالسه، فقال له الزجاج: والله يا أخي أقول لك، حتى تحدثني ما فعلت في هذه الأيام، فيما بينك وبين الله تعالى، فقال:
ما فعلت شيئا أعلمه، غير أني اجتزت اليوم بأتون حمام. فذكره.
فقال الزجاج: رأيت كأن قائلا يقول لي في المنام: قل لبشر: ترفع اسما لنا من الأرض إجلالا أن يداس لننوهن باسمك في الدنيا والآخرة.
وقال أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق المعروف بابن

(1) وجمعها: " شطار " وهم فئة اجتماعية ظهرت وانتشرت ببغداد وغيرها من المدن، وكانت تقوم بأعمال تختلط فيها الشجاعة والنخوة بإيذاء الناس والتعدي عليهم، وقد استفحل خطرهم في العصور المتأخرة، وهم الذين يعرفون عند المصريين إلى عهد قريب بالفتوة.
(2) في اللسان: السحا والسحاة والسحاءة والسحاية: ما انقشر من الشئ كسحاءة النواة والقرطاس.
وسحا القرطاس: أخذ منه سحاءه أو شده بها، وسحوت القرطاس وسحيته أسحاه: إذا قشرته.
(3) الغالية: الطيب.
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»