تهذيب الكمال - المزي - ج ٣ - الصفحة ٣٧٣
برسول الله، شيئا، لا أري أحدا منهم إلا أكرمته.
وقال أبو كريب (1)، عن أبي بكر بن عياش، عن الأعمش:
شكونا الحجاج بن يوسف، فكتب أنس إلى عبد الملك: إني خدمت النبي صلى الله عليه وسلم تسع سنين، والله لو أن اليهود والنصارى أدركوا رجلا خدم نبيهم لأكرموه.
وقال جعفر بن سليمان (2)، عن علي بن زيد: كنت بالقصر مع الحجاج وهو يعرض الناس ليالي ابن الأشعث، فجاء أنس بن مالك، فقال الحجاج: هي يا خبيث، جوال في الفتن، مرة مع علي بن أبي طالب، ومرة مع ابن الزبير، ومرة مع ابن الأشعث، أما والذي نفس الحجاج بيده، لأستأصلنك كما تستأصل الصمغة (3)، ولأجردنك كما يجرد الضب (4)، قال: يقول أنس: من يعني الأمير؟
قال: إياك أعني، أصم الله سمعك. قال: فاسترجع أنس، وشغل الحجاج، وخرج أنس فتبعناه إلى الرحبة، فقال: لولا أني ذكرت ولدي وخشيته عليهم بعدي لكلمة بكلام في مقامي، لا يستحييني (5) بعده أبدا.

(1) رواه ابن عساكر أيضا (3 / الورقة: 87).
(2) أخرجه الطبراني (704)، وابن عساكر في تاريخه (3 / الورقة: 87)، وعلي بن زيد هو ابن جدعان، وهو ضعيف، فأعله به الهيثمي في " المجمع: 7 / 274 ".
(3) إنما قال ذلك لان الصمغ إذا قلع انقلع كله ولم يبق له أثر، وكذلك يقال: " تركتهم على مثل مقلع الصمغة ".
(4) هكذا ورد في الأصل الذي نقل منه المزي، ثم علق عليه في الحاشية - كما يظهر في جميع حواشي النسخ - بقوله: " المعروف الضرب وهو العسل الأبيض الغليظ ". قلت: وقد نص عليه ابن منظور في " ضرب " من اللسان، قال: " والضرب بالتحريك: العسل الأبيض الغليظ، يذكر يؤنث...
وعسل ضريب: مستضرب. وفي حديث الحجاج: لأجزرنك جزر الضرب ". وأما ما أورده هنا من قوله: " لأجردنك كما يجرد "، فهو جيد أيضا. وانظر تهذيب ابن عساكر أيضا (3 / 152).
(5) أي لا يتركني حيا.
(٣٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 ... » »»