تهذيب الكمال - المزي - ج ٢ - الصفحة ٣٤
تكلم ربما انبسط، فأطال ذات يوم السكوت، فقلت له: لو تكلمت؟
فقال: الكلام على أربعة وجوه: فمن الكلام كلام ترجو منفعته وتخشى عاقبته، فالفضل في هذا السلامة منه. ومن الكلام كلام لا ترجو منفعته ولا تخشى عاقبته، فأقل ما لك في تركه خفة المؤونة على بدنك ولسانك. ومن الكلام كلام لا ترجو منفعته ولا تأمن عاقبته، فهذا قد كفى العاقل مؤونته. ومن الكلام كلام ترجو منفعته وتأمن عاقبته، فهذا الذي يجب عليك نشره. قال خلف: فقلت لابي إسحاق: أراه قد أسقط ثلاثة أرباع الكلام! قال: نعم.
وقال أحمد بن علي المخرمي: حدثنا محمد بن عمرو، عن عبد الله ابن السندي الخراساني، قال: قال إبراهيم بن أدهم: أعربنا في الكلام فلم نلحن، ولحنا في الاعمال فلم نعرب.
وقال محمد بن عقيل البلخي: سمعت سليمان بن الربيع يقول:
سمعت بشر بن الحارث عن يحيى بن يمان (1) قال: كان سفيان إذا رأى إبراهيم بن أدهم، تحرز في كلامه.
أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم (2) بن علي بن أحمد بن فضل الواسطي وغيره، عن أبي الفضل عبد السلام (3) بن عبد الله بن أحمد بن بكران

(١) غير منقوطة في أصل المؤلف، وفي (د): " ثمان " ولا عبرة به، فهو العجلي وسيأتي في موضعه.
(٢) هو الامام القدوة الشيخ الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن أحمد بن فضل الواسطي الأصل الصالحي الحنبلي " ٦٠٢ - ٦٩٢ ه‍ " أطنب الامام الذهبي في مدحه، وقال: " قال شيخنا أبو عبد الله بن الزملكاني ومن خطه نقلت، قال: كان كبير القدر له وقع في القلوب وجلالة. قال:
وكان داعية إلى عقيدة أهل السنة والسلف الصالح مثابرا على السعي في هداية من يرى فيه زيغا عنها " معجم الشيوخ: ١ / الورقة: ٢٩).
(٣) توفي سنة ٦٢٨ عن ست وثمانين سنة وهو منسوب إلى الداهرية قرية من سواد بغداد (معجم البلدان: ٢ / 542، وتاريخ ابن الدبيثي، الورقة: 143 باريس 5922، وتكملة المنذري، الترجمة: 2332، وتاريخ الاسلام للذهبي، الورقة: 71 من مجلد أيا صوفيا 3012).
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»