وإنما أنكروا عليه كثرة روايته عن أبي الأحوص، عن عبد الله، وهو عندي ممن يكتب حديثه (1).
(١) وساق له ابن حبان البستي من طريق محمد بن فضيل بن غزوان الضبي وابن الأجلح، عن إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عن عبد الله - مرفوعا: " إن هذا القرآن مأدبة الله عز وجل فتعلموا من مأدبة الله عز وجل ما استطعتم، وإن هذا القرآن هو حبل الله عز وجل والدين البين، والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن تبعه، لا يعوج، فيقوم ولا يزيغ فيستعتب، ولا تنقضي عجائبه، اتلوه فإن الله عز وجل يأجركم بكل حرف عشر حسنات، فال ابن مسعود: الم - ألف ولام وميم - ثلاثون حسنة " (المجروحين: 1 / 100 وانظر الميزان للذهبي: 1 / 66).
وذكره محمد بن سعد في الطبقة الرابعة من الكوفيين، وقال: " رجل من العرب ممن قدم الكوفة من هجر، وكان ضعيفا في الحديث " (الطبقات: 6 / 341). وقال يعقوب بن سفيان الفسوي:
" وكان رفاعا، لا بأس به، كوفي " (المعرفة والتاريخ: 3 / 108) وذكر الفسوي في موضع آخر من كتابه أن الإمام أحمد بن حنبل سئل فقل له: " فالهجري يحدث عنه؟ قال: قد روى عنه شعبة " (المعرفة: 2 / 190 - 191)، فهذه تقوية من الإمام أحمد له. وقال العلامة مغلطاي: " قال الخطيب: ولا أعلمه روى عن غير ابن أبي أوفى " (إكمال: 1 / الورقة: 71). قال بشار: قد تقدم أنه حدث عن أبي الأحوص، وأبي عياض فلعله أراد: من الصحابة. وقد قال يعقوب بن سفيان:
" حدثني محمد بن عبد الرحيم، قال: سألت عليا عن أبي عياض الذي يروي عن مجاهد والهجري وعبد ربه عن أبي عياض، قال هو واحد. فقلت: ما اسمه؟ قال: لا أدري " (المعرفة: 2 / 646).
قال بشار أيضا: أبو عياض شيخ الهجري هو عمرو بن الأسود العنسي الذي سيأتي في موضعه من هذا الكتاب، وقد قال ابن المديني " لا أدري " بسبب اختلاف الناس في اسمه كما سيأتي. وقد ذكر المزي هناك رواية الهجري عنه. وقال مغلطاي أيضا: وخرج إمام الأئمة (ابن خزيمة) وابن البيع (الحاكم) حديثه في صحيحيهما.. وفي كتاب الجياني: لم ينقم عليه بحجة. وفي موضع آخر: ليس بالمتروك إلا أن الشيخين لم يحتجا به. وقال البزار في كتاب " السنن ": رفع أحاديث أوقفها غيره.
وقال علي بن الجنيد: متروك.. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم.. وفي كتاب " الضعفاء " لابي العرب القيرواني سئل أحمد بن حنبل: الهجري يحدث به؟ فقال: قد روى عنه شعبة وقال أبو إسحاق الحربي في كتاب " التاريخ ": فيه ضعف، واستغفر الله تعالى من ذلك.
وذكره ابن شاهين في كتاب " الضعفاء والكذابين من رواة الحديث "، وذكره البخاري وأبو بشر الدولابي وأبو القاسم البلخي وأبو جعفر العقيلي في جملة الضعفاء. وقال الساجي: صدوق يهم، كان رفاعا للأحاديث، وكان سئ الحفظ، فيه ضعف، وكان ابن عيينة يضعفه، وكرهه يحيى بن سعيد، وقال شعبة: كان رفاعا. وفي كتاب ابن الجارود: ليس بشئ. وقال السعدي: يضعف حديثه.. وقال أبو الفتح الأزدي: هو صدوق ولكنه رفاع كثير الوهم. " (إكمال: 1 / الورقة 71) وذكره الذهبي في (الميزان 1 / 65 - 66) و (الديوان، الورقة: 10) وقال في الأخير: " ضعفوه ". وقد علق الحافظ ابن حجر على ما أورده من حكاية سفيان بن عيينة واصلاحه لحديثه، فقال: " القصة المتقدمة عن ابن عيينة تقتضي أن حديثه عنه صحيح، لأنه إنما عيب عليه رفعه أحاديث موقوفة وابن عيينة ذكر أنه ميز حديث عبد الله من حديث النبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم. " (تهذيب: 1 / 166). قال بشار: فلا يصح تضعيفه مطلقا لما نقلنا من قول ابن عدي، ولرواية شعبة عنه.