جريج. وقيل: عن ابن جريج عن إبراهيم بن محمد بن أبي عاصم، وقيل: عن ابن جريج: أخبرت عن إبراهيم بن محمد بن أبي عطاء (1).
(١) ولم يخرج له ابن ماجة إلا هذا الحديث (انظر السنن: ١ / ٥١٥) وجاء في التعليق عليه قول السيوطي الذي نقله السندي عنه: " هذا الحديث أورده ابن الجوزي في الموضوعات وأعله بإبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي فإنه متروك. قال: وقال أحمد بن حنبل إنما هو " من مات مرابطا ".
ونقل الدارقطني باسناد عن إبراهيم بن أبي يحيى قوله: حدثت ابن جريج هذا الحديث " من مات مرابطا " فروى عني " من مات مريضا " وما هكذا حدثته. وقال الدارقطني أيضا بسنده: سمعت إبراهيم بن يحيى يقول: حكم الله بيني وبين مالك، هو سماني قدريا، وأما ابن جريج فإني حدثته عن موسى بن وردان عن إبراهيم عن النبي صلى الله عليه وسلم: " من مات مرابطا مات شهيدا " فنسبني إلى جدي من قبل أمي وروى عني ": من مات شهيدا " وما هكذا حدثته. قال بشار: وقد فصل ابن عدي رواية ابن جريج عنه في الكامل (٢ / الورقة ٢٩ - ٣٠).
قال أفقر العباد بشار بن عواد محقق هذا الكتاب: قد كثر القول في تضعيف إبراهيم، فذكر علي ابن المديني أنه كذاب وأنه كان يقول بالقدر. وقال الدارقطني: متروك. وقال ابن حبان في " المجروحين ": كان إبراهيم يرى القدر ويذهب إلى كلام جهم ويكذب مع ذلك في الحديث ".
وقال العقيلي: قال إبراهيم بن سعد: كنا نسمي إبراهيم بن أبي يحيى ونحن نطلب الحديث خرافة وقال سفيان بن عيينة: احذروه ولا تجالسوه. وقال أبو همام السكوني: سمعت إبراهيم بن أبي يحيى يشتم بعض السلف. وقال ابن سعد: كان كثير الحديث، ترك حديثه، ليس يكتب. وقال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث. وقال أبو زرعة: ليس بشئ. وقال العجلي: كان قدريا معتزليا رافضيا وكان من أحفظ الناس، وكان قد سمع علما كثيرا وقرابته كلهم ثقات وهو غير ثقة. وقال البزار: كان يضع الحديث، وكان يوضع له مسائل فيضع لها إسناد، وكان قدريا، وهو من أستاذي الشافعي وعز علينا. وعلق الامام الذهبي على قول ابن عدي في تعديله بأن " الجرح مقدم ". الخ.
وقد حاول ابن حبان البستي أن يعتذر لرواية الشافعي عنه وإكثار الاحتجاج به، فقال: " وأما الشافعي فإنه كان يجالسه في حداثته، ويحفظ عنه حفظ الصبي، والحفظ في الصغر كالنقش في الحجر، فلما دخل مصر في آخر عمره فأخذ يصنف الكتب المبسوطة احتاج إلى الاخبار ولم تكن معه كتبه فأكثر ما أودع الكتب من حفظه، فمن أجله ما روى عنه، وربما كنى عنه ولا يسميه في كتبه " واعتذر الساجي - كما نقل ابن حجر - أن الشافعي لم يخرج عنه حديثا في فرض وإنما أخرج عنه في الفضائل.
ويلاحظ على كل الذي قيل في إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى جملة أمور منها:
١ - أن غالب ما وجه إليه من نقد كان بسبب العقائد، فقد أكدوا أنه كان معتزليا قدريا جهميا رافضيا، ولم يثبت أنه كان غاليا في عقيدته داعية لها، وعليه فإن تضعيفه من جهة العقائد فيه نظر.
٢ - أنه كان عالما فاضلا شهد بعلمه من تكلم فيه، قال الامام الذهبي في أول ترجمته من (تاريخ الاسلام، الورقة: ٤٩ من مجلد أيا صوفيا ٣٠٠٦): " الفقيه المدني أحد الاعلام ".
وروى ابن حبان بسنده إلى عبد الله بن قريش، قال: " جاء رشدين بن سعد إلى إبراهيم بن أبي يحيى ومعه كتب قد حملها في كسائه، فقال لإبراهيم: هذه كتبك وحديثك، أرويها عنك؟ قال: نعم.
قال: بلغني أنك رجل سوء فاتق الله عز وجل وتب إليه، قال: فإن كنت رجل سوء فلاي شئ تأخذ عني الحديث؟ قال: ألم يبلغك أنه يذهب العلم ويبقى منه في أوعية سوء فأنت من الأوعية السوء!
(المجروحين: ١ / ١٠٥ - ١٠٦).
٣ - أن علاقته بالامام مالك كانت سيئة وأنه كان ينافسه قال الذهبي في (الميزان: ١ / ٦٠):
" وقال أحمد بن علي الابار: حدثنا أبو عمرو محمد بن عبد الرحمان القرمطي، حدثنا يحيى الأسدي، قال: سمعت إبراهيم بن أبي يحيى يملي على رجل غريب، فأملى عليه لابي الحويرث عن نافع عن جبير ثلاثين حديثا، فجاء بها من أحسن شئ عجب. فقال ابن أبي يحيى للغريب: قد حدثتك ثلاثين حديثا، ولو ذهبت إلى ذاك الحمار فحدثك بثلاثة أحاديث لفرحت بها - يعني مالكا ".
٤ - أن الإمام الشافعي لم ينفرد بتوثيقه، فقد نظر ابن عقدة في حديثه فلم يجد فيه نكارة وكذلك ابن عدي بعد أن كتب له ترجمة حافلة في " الكامل " استغرقت عشرين صفحة. وقد نقل المؤلف قول حمدان الأصبهاني فيه وفي تعديله.
٥ - والثابت عن الإمام الشافعي توثيقه مطلقا كما نقل الربيع بن سليمان المرادي، بل قال في كتاب " اختلاف الحديث ": ابن أبي يحيى أحفظ من الدراوردي. وعليه فإن إيجاد المعاذير لرواية الإمام الشافعي لا معنى لها. وقد علق الحافظ ابن حجر على قول الساجي الذي يذكر فيه أن الشافعي لم يخرج عنه حديثا في فرض إنما أخرج عنه في الفضائل، بأن هذا هو خلاف الموجود المشهود (تهذيب: 1 / 161) فلينظر في تضعيف إبراهيم هذا مطلقا، وهو ليس بمتروك بكل حال.