شرطه بلغت مئات عديدة، وقرر تأليف كتاب جديد يستند في أسسه على كتاب " الكمال " وسماه " تهذيب الكمال في أسماء الرجال ".
والظاهر أنه اشتغل بمادة الكتاب منذ فترة مبكرة، فقد أشار الذهبي في مقدمة كتابه " تاريخ الاسلام " إلى أنه طالع مسودة كتاب " التهذيب " قبل قيامه بتأليف كتابه، ثم طالع المبيضة كلها (14). وقد بدأ المزي يضع كتابه بصيغته النهائية المبيضة في اليوم التاسع من محرم سنة (705) ولم ينته منه إلا يوم عيد الأضحى من سنة (712) (15)، وبذلك يكون قد قضى في تبييضه وإعادة النظر فيه ثمانية أعوام إلا شهرا.
وقد ظن بعضهم غلطا أن الحافظ المزي إنما اختصر كتاب " الكمال " لعبد الغني حينما ألف كتابه " تهذيب الكمال " (16)، وكأنهم ربطوا بين كلمتي " الاختصار " و " التهذيب " مع أن الأخيرة تدل في الأغلب على التنقية والاصلاح (17). والحق أن المزي قد تجاوز كتاب " الكمال " في كتابه هذا تجاوزا أصبح معه التناسب بينهما أمرا بعيدا، سواء أكان ذلك في المحتوى، أم التنظيم، أم الحجم، وإليك بيان ذلك على وجه الاختصار: