تهذيب الكمال - المزي - ج ١ - الصفحة ١٨٩
فصل ونشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يتيما يكفله جده عبد المطلب، وبعده عمه أبو طالب بن عبد المطلب، وطهره الله من دنس الجاهلية ومن كل عيب ومنحه كل خلق جميل حتى لم يكن يعرف بين قومه إلا بالأمين لما شاهدوا من طهارته وصدق حديثه وأمانته.
فلما بلغ اثنتي عشرة سنة، خرج مع عمه أبي طالب إلى الشام حتى بلغ بصرى فرآه بحيرا الراهب فعرفه بصفته، فجاء وأخذ بيده، وقال: هذا سيد العالمين، هذا رسول رب العالمين، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين. فقيل له: وما علمك بذلك؟ قال: إنكم حين أقبلتم من العقبة لم يبق شجرة ولا حجر إلا خر ساجدا ولا يسجدن إلا لنبي، وإنا نجده في كتبنا. وسأل أبا طالب، فرده خوفا عليه من اليهود (1). ثم خرج ثانيا إلى الشام مع ميسرة غلام خديجة في تجارة لها قبل أن يتزوجها حتى بلغ إلى سوق بصرى، فباع تجارته.
فلما بلغ خمسا وعشرين سنة تزوج خديجة. فلما بلغ أربعين سنة اختصه الله بكرامته، وابتعثه برسالته، فأتاه جبريل عليهما السلام وهو

(1) أخرجه الترمذي برقم (3620) ورجاله ثقات لكن في متنه غرابة فقد مؤرخ الاسلام الامام الذهبي:
" تفرد به قراد واسمه عبد الرحمان بن غزوان (وهو) ثقة احتج به البخاري والنسائي، ورواه الناس عن قراد وحسنه الترمذي. وهو حديث منكر جدا " ثم ننقد الحديث نقدا داخليا بارعا وحلل وقائعه ولغته واستقصى الاختلاف في ذلك، فراجعه تجد فائدة إن شاء الله (تاريخ الاسلام: 2 / 27 فما بعد). وانظر أيضا " البداية " 2 / 284، 285 للحافظ ابن كثير.
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 195 ... » »»