الرد على أبي بكر الخطيب البغدادي - ابن النجار البغدادي - الصفحة ٢٣
فمن جملة ما ذكره محمد بن الحسن رحمه الله أنه قال في باب العتق: إذا قال الرجل لآخر أي عبيدي ضربك فهو حر، فضربوه جميعا عتقوا. ثم قال في باب آخر: إذا قال الرجل لعبيده أيكم حمل هذه الخشبة فهو حر، وكانت مما يقدر على حملها رجل واحد فحملوها جميعا لم يعتق واحد منهم. هذا قول محمد رحمه الله، ولا فرق عندي بين المسألتين فإن الضاربين في المسألة الأولى بمنزلة الحاملين الخشبة، والمضروب بمنزلة الخشبة المحمولة، فإن قيل الخشبة يحملونها جملة واحدة قلت كذلك الضاربون والمضروب فإنهم يأخذون عصا واحدة في أيديهم ويضربون بها ضربة واحدة، وكذلك قال محمد رحمه الله في باب من أبواب الكتاب: إذا حلف الرجل أنه لا يصلى صلاة وصلى بغير وضوء لا يحنث، وإذا حلف أنه ما صلى وكان قد صلى بغير وضوء يحنث. ولا فرق عندي أيضا بين الصلاة الماضية والمستقبلة، فلم كان في إحداهما يحنث وفى الأخرى لا يحنث، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة إلا بوضوء) وعلى هذا فينبغي أن لا يحنث في الصلاة الماضية والمستقبلة لأنهما بغير وضوء، وأنت يا مولاي حفظك الله إذا تكلمت مع الرجل فينبغي أن تحققه تحقيقا لا يبقى عليه غبار ولا تقنع بالكلام إلا قناعي فعرضت المسألتان على الشيخ جمال الدين الحصري فأجاب بما صورته.
قال في المسألة الأولى:
لفظة أي تتناول واحدا من الجملة، قال الله تعالى: (أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني) ولم يقل تأتوني بعرشها، ويقال أي الرجال أتاك ولا يقال أتوك إلا أنها تقبل الوصف بالعموم كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها) فقبل العموم بالوصف فقد وصفهم بكونهم ضاربين فعمهم والضرب بعموم الوصف فوجد الشرط من كل واحد منهم فعتقوا ولا فرق بين كونهم ضربوا جملة أو متفرقين وأما في مسألة الحمل فإنه أيضا وصفهم بوصف عام وهو الحمل إلا أن الشرط لم يوجد وهو حمل كل واحد منهم لجميع الخشبة بل وجد من كل واحد منهم حمل البعض.
المسألة الثانية:
وهي رجل قال: إن كنت صليت صلاة فعبدي حر، وقد كان صلى بغير وضوء حنث، ولو قال إن صليت فعبدي حر لا يحنث إذا صلى بغير وضوء.
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»