أسد الغابة - ابن الأثير - ج ١ - الصفحة ٢٨
وكسر اللام غير أن المعنى فيه ما ذكرناه وانه عليه السلام كان لا يخط الأرض برجليه وقوله (تكفيا) أي يميد في مشيته (والذريع) السريع المشي وقد كان يتثبت في مشيته ويتابع الخطو ويسبق غيره وورد في حديث آخر كان يمشى على هينة وأصحابه يسرعون فلا يدركونه (والصبب) الحدور وقوله (يسوق أصحابه) أي يقدمهم بين يديه وقوله (يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه) قيل إنه كان لا يتشدق في كلامه بأن يفتح فاه كله ويتقعر في الكلام (وأشاح) أي أعرض وتردد بمعنى جد وانكمش وقوله (فيرد ذلك على العامة بالخاصة) يعنى ان الخاصة تصل إليه فتستفيد منه ثم يردون ذلك إلى العامة ولهذا كان يقول ليليني منكم أولو الأحلام والنهى (يحذر الناس) أكثر الرواة على فتح الياء والذال والتخفيف يعنى يحترس منهم وان روى بضم الياء وتشديد الذال وكسرها فله معنى أي انه يحذر بعض الناس من بعض وقوله (لا يوطن الأماكن) يعنى لا يتخذ لنفسه مجلسا لا يجلس الا فيه وقد فسره ما بعده وقوله (قاومه) أي قام معه (وقوله لا تؤبن فيه الحرم) أي لا يذكرن بسوء وقوله (ولا تنثى فلتأته) أي لا تذكر والفلتات هو ما يبدر من الرجل والهاء عائدة إلى المجلس وقوله (لا يتفرقون الا عن ذواق) الأصل فيه الطعام الا أن المفسرين حملوه على العلم والخير لان الذوق قد يستعار قال الله تعالى فأذاقها الله لباس الجوع والخوف أي لا يقومون من عنده الا وقد استفادوا علما وخيرا (والممغط) الذاهب طولا يقال تمغط في نشابته مدها مدا شديدا فعلى هذا هو فعل وقيل هو انفعل فأدغم يقال مغطه فانمغط وامتغط أي امتد (والمطهم) البادن الكثير اللحم (والمكلثم) المدور الوجه وقيل المكلثم من الوجه القصير الحنك الداني الجبهة المستدير الوجه والجمع بين هذا وبين قوله في وجهه تدوير وقوله سهل الخدين انه لم يكن بالأسيل جدا ولا المدور مع افراط التدوير بل كان بينهما وهو أحسن ما يكون (ذكر جمل من أخلاقه ومعجزاته صلى الله عليه وسلم) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعبد الناس قام في الصلاة حتى تفطرت قدماه وكان أزهد الناس لا يجد في أكثر الأوقات ما يأكل وكان فراشه محشوا ليفا وربما كان كساء من شعر وكان أحلم الناس يحب العفو والستر ويأمر بهما وكان أجود الناس قالت عائشة كان عند النبي صلى الله عليه وسلم ستة دنانير فأخرج أربعة وبقى
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»