كان أبو الأسود الديلي (1) كثيرا عند معاوية وكان يقرب مجلسه ويدنيه إذا وفد عليه ويسأله عن أشياء فيقول فيها بعلم فبينا هو ذات يوم عند معاوية إذ دخلت عليه امرأة برزة فقالت أصلح الله أمير المؤمنين وأمتع به إن الله جعلك خليفة في البلاد ورقيبا على العباد فيستسقى بك المطر ويستنبت بك الشجر ويؤمن بك الخائف وفي رواية يطهر ويردع بك الخائف (2) فأنت الخليفة المصطفى والأمين المرتضى فأسأل الله لك النعمة من غير تقصير والبركة من غير تقتير فقد ألجأني إليك يا أمير المؤمنين أمر ضاق [عني] (3) به المخرج (4) من أمر كرهنا عادته لما أردت إظهاره فليكشف عني أمير المؤمنين الهم ولينصفني من الخصم وليكن ذلك على يديه وإني أعوذ بعقوتك (5) من العار الوبيل والأمر الجليل الذي يشتد على الحرائر ذوات البعول الأخيار (6) فقال معاوية من هذا الذي شعرك شناره؟ قالت أمر طلاق جاءني من بعل عاد لا تأخذه من الله مخافة ولا يجدي (7) خذارفة (8) قال: ومن بعلك؟ قالت هو أبو الأسود الديلي (9) فالتفت معاوية إليه فقال حقا ما تقول هذه المرأة قال إنها لتقول من الحق بعضا وليس يطيق أحد عليها بعضا أما ما ذكرت من أمر طلاقها فهو حق وسأخبرك والله ما طلقتها لريبة ظهرت ولا من هفوة خطرت ولكني كرهت شمائلها فقطعت حبائلها قال وأي شمائلها كرهت؟ قال إنك مهيجها علي بكلام عتيد ولسان حديد قال لا بد لك من مجاوبتها فاردد عليها قولها عند محاورتها (10).
قال هي يا أمير المؤمنين كثيرة الصخب دائبة (11) الذرب مهينة الأهل مؤذية