علي ما كنت أجده ببغداد أضعاف ذلك فركبت تلك السمارية ورجعت إلى بغداد فلما بلغت دار الخليفة إذا بجارية تغنى له في التاج (1) * أيا قادما من سفرة البحر مرحبا * أناديك لا أنساك ما هبت الصبا قدمت على قلبي كما قد تركته * كئيبا حزينا بالصبابة متعبا * فلما سمعت غناءها طرحت نفسي في دجلة فقيل أدركوا الرجل فأخذت إلى الشط فقال المقتدر من هذا فقالوا أبو بكر الشبلي فحملت إليه ووقفت بين يديه فقال يا أبا بكر تبلغنا عنك في كل وقت أعاجيب فما هذا فقصصت عليه القصة وخرجت وفي رواية فصاح صيحة ووقع في دجلة مغشيا عليه فقال الخليفة الحقوه واحملوه فحمل إلى بين يديه فقال له أمجنون أنت فقال يا أمير المؤمنين كان من أمري كيت وكيت فتحيرت فيما هو يجري علي فبكى الخليفة مما رأى من حرقته قال أبو الصقر الصوفي دخلت على شيخ من شيوخنا أهنئه يوم عيد فرأيت عنده نخالة وهندباء (2) وخلا فشغل ذلك قلبي فخرجت من عنده ودخلت على أحد أرباب الدنيا فذكرت ذلك له فدفع إلى صرة فيها دراهم فقال احملها إليه فعدت ودخلت إليه فأخبرته فقال وما الذي رأيت من حالي قلت رأيت هندباء وخلا ونخالة فقال كأنك افتقدت (3) منزلي وكذلك لو كانت في بيتي حرمة أكنت تفتقدها قم فاخرج أشهد لا كلمتك شهرا قال فخرجت فنطح الباب وجهي ففتحته فمسحت الدم ومشيت فلقيني الشبلي فقلت يا أبا بكر رجل مشى في طاعة الله ينطح وجهه ما يوجب هذا قال لعله أراد أن يجئ إلى شئ صاف فيكدره وقال للشبلي رجل يا أبا بكر اليوم يوم العيد فأنشأ يقول
(٧٤)