ودخل إلى بيته وجاء على يده قصعة فيها لبن وخبز وقال كل أنت هذا وفي يده الأخرى رمان حلو وحامض فتركه بين يدي البغدادي فقال كل أنت هذا ثم قال لي من أين صحبت هذا فإنه بدعي (1) وما كنت سمعت منه شيئا فلما كان بعد عشر سنين رأيته بتنيس (2) وهو تاجر وإذا به معتزلي محض قال عبد العزيز الحبراني وكان يمشي حافيا في أسفاره قال خرجت من البصرة حافيا ونعلي بيدي إذا وصلت إلى بلد تحظيت فيهما وإذا خرجت حملتهما بيدي إلى أن دخلت الثغر فلما عدت من الغزو وأردت الخروج من الثغر أحببت أن ألقى أبا بكر التيناتي فعدلت إلى التينات فسألت صبيا على باب الزقاق كيف الطريق إلى مسجد الشيخ فقال ما أكثركم قد آذيتم هذا الشيخ الزمن (3) كم تأكلون خبز هذا الضعيف فوقع في قلبي من قوله فاعتقدت ألا آكل (4) طعاما ما دمت بتينات وأتيته فبت عنده ليلتين ما قدم لي شئ ولا عرض علي شيئا (5) فلما خرجت وصرت بين الزيتون إذ به يصيح خلفي قف فالتفت فإذا به فقلت أنا أرجع إليك فاستقبلته فدفع إلي ثلاثة أرغفة ملطوخة بلبن (6) وقال لي كل هذه فقد خرجت من عقدك ثم قال أما سمعت قول النبي (صلى الله عليه وسلم) إن الضيف إذا نزل نزل برزقه [* * * *] فقلت بلى قال فلم شغلت قلبي بقول صبي فاعتذرت إليه وسرت وقال أبو الحسن العراقي قدم أبو الخير تنيس فقال لي قم نصعد السور نكبر فصعدت معه ثم قلت في نفسي ونحن على السور هذا عبد أسود قد نال ما هو فيه فالتفت إلي وقال " يعلم ما في أنفسكم فاحذروه " (7) فلما سمعت ذلك فزعت وغشي علي فمر وتركني فلما أفقت
(١٧٠)