ومنهم أبو الخير الأقطع وكان أوحد في طريقته في التوكل وكان يأنس إليه السباع والهوام وكان حاد الفراسة مات سنة نيف وأربعين وثلاثمائة قال أبو الخير (1) دخلت مدينة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأنا بفاقة فأقمت خمسة أيام ما ذقت ذواقا (2) فقدمت إلى القبر وسلمت على النبي (صلى الله عليه وسلم) وعلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وقلت أنا ضيفك الليلة يا رسول الله وتنحيت ونمت خلف المنبر فرأيت في المنام النبي (صلى الله عليه وسلم) وأبو بكر عن يمينه وعمر عن يساره (3) وعلي بن أبي طالب بين يديه فحركني علي وقال لي قم قد جاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال فقمت إليه وقبلت بين عينيه فدفع إلي رغيفا فأكلت نصفه فانتبهت (4) فإذا في يدي نصف رغيف وقال أبو الخير لن يصفو قلبك إلا بتصحيح النية لله تعالى ولن يصفو بدنك (5) إلا بخدمة أولياء الله تعالى وقال أبو الخير (6) ما بلغ أحد إلى حالة شريفة (7) إلا بملازمة الموافقة ومعانقة الأدب وأداء الفرائض وصحبة الصالحين وخدمة الفقراء الصادقين وقال حرام على قلب مأسور بحب الدنيا أن يسبح في روح الغيوب وقال (8) القلوب ظروف فقلب مملوء ايمانا فعلامته الشفقة على جميع المسلمين والإهتمام بما يهمهم ومعاونتهم على أن يعود صلاحه إليهم (9) وقلب مملوء نفاقا فعلامته (10) الحقد والغل والغش والحسد وقال (11) الدعوى رعونة لا يحتمل القلب إمساكها فيلقيها (12) إلى اللسان فتنطق
(١٦١)