الحمامي (1) نا يحيى بن عبد الحميد الحماني نا ابن المبارك عن سفيان عن أبي الزناد عن أبي حازم (2) قال قدمت على عمر بن عبد العزيز وقد ولي الخلافة فلما نظر إلي عرفني ولم أعرفه فقال أدن مني فدنوت منه فقلت أنت أمير المؤمنين قال نعم فقلت ألم تكن عندنا بالمدينة أميرا على المسلمين فكان مركبك وطيئا وثوبك نقيا ووجهك بهيا وطعامك شهيا وقصرك مشيدا وخدمك (3) كثيرا فما الذي غيرك وأنت أمير المؤمنين قال فبكى ثم قال يا أبا حازم كيف لو رأيتني بعد ثلاث في قبري وقد سالت حدقتاي عن وجنتي ثم جف لساني وانشق بطني وجرت الديدان في بدني لكنت لي أشد إنكارا منك يومك هذا أعد علي الحديث الذي حدثتني به بالمدينة فقلت يا أمير المؤمنين سمعت أبا هريرة يقول سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول إن بين أيديكم عقبة كؤودا (4) مضرسة (5) لا يجوزها إلا كل ضامر مهزول قالا فبكى بكاء طويلا ثم قال يا أبا حازم ألا (6) ينبغي لي (7) أن أضمر نفسي لتلك العقبة فعسى أنجو منها يومئذ وما أظن أني مع هذا البلاء الذي أبتليت به من أمور المسلمين بناج (8) ثم رقد ثم تكلم الناس فقلت أقلوا الكلام فما فعل به ما ترون إلا سهر الليل ثم تصبب عرقا في نوم الله أعلم كيف كان ثم بكى حتى علا نحيبه ثم تبسم فسبقت الناس إلى كلامه فقلت يا أمير المؤمنين رأيت منك عجبا إنك لما رقدت تصببت عرقا حتى ابتل ما حولك حتى علا نحيبك ثم تبسمت فقال لي وقد رأيت ذاك قلت نعم من كان حولك من الناس رآه فقال لي يا أبا حازم إني لما وضعت رأسي فرقدت رأيت كأن القيامة قامت واجتمع الخلق فقيل إنهم عشرون ومئة صف ملء الأفق أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) من ذلك ثمانون " مهطعين إلى الداع " (9) ينتظرون متى يدعون إلى
(١٢٨)