كاذبا فما ينبغي أن تولي القضاء كذابا فقال أخرج فخرجت ودخل ابن إدريس وكأن هارون قد وسم له من ابن إدريس وسم يعني خشونة (1) جانبه فدخل فسمعنا صوت ركبتيه على الأرض حين برك وما سمعناه يسلم إلا سلاما خفيا فقال له هارون أتدري لم دعوتك قال لا قال إن أهل بلدك طلبوا مني قاضيا وإنهم سموك فيمن سموا وقد رأيت أن أشركك في أمانتي وأدخلك في صالح ما أدخل فيه من أمر هذه الأمة فخد عهدك وامض فقال له ابن إدريس ليس أصلح للقضاء فنكث هارون بإصبعه وقال له وددت أني لم أكن رأيتك (2) قال له ابن إدريس وأنا وددت أني لم أكن رأيتك فخرج ثم دخل حفص بن غياث فقال له كما قال لنا فقبل عهده وخرج فأتانا خادم معه ثلاثة أكياس في كل كيس خمسة آلاف دينار فقال لي أمير المؤمنين يقرئكم السلام ويقول لكم قد لزمتكم في شخوصكم مؤونة فاستعينوا بهذه في سفركم قال وكيع فقلت له أقرئ أمير المؤمنين السلام وقل له قد وقعت مني بحيث يحب أمير المؤمنين وأنا عنها مستغن وفي رعية أمير المؤمنين من هو أحوج إليها مني فإن رأى أمير المؤمنين أن يصرفها إلى من أحب وأما ابن إدريس فصاح به مر من ها هنا وقبلها حفص وخرجت الرقعة إلى ابن إدريس من بيننا عافانا الله وإياك سألناك أن تدخل في أعمالنا فلم تفعل ووصلناك من أموالنا فلم تقبل فإذا جاءك ابني المأمون فحدثه إن شاء الله فقال للرسول إذا جاءنا مع الجماعة حدثناه إن شاء الله ثم مضينا فلما صرنا إلى الياسرية (3) حضرت الصلاة فنزلنا نتوضأ للصلاة قال وكيع فنظرت إلى شرطي محموم قائم (4) في الشمس عليه سواده فطرحت كسائي عليه وقلت يدفأ إلى أن أتوضأ فجاء ابن إدريس فاستبله ثم قال لي رحمته لا رحمك الله في الدنيا أحد يرحم مثل ذا ثم التفت إلى حفص فقال له يا حفص قد عملت حين دخلت إلى سوق أسد (5) فخضبت لحيتك ودخلت الحمام أنك ستلي القضاء لا والله لا كلمتك حتى تموت قال فما كلمه حتى مات
(٨٣)