الكلام فقال لي وهب عبر عن شيخك فقلت نعم يا أبا عبد الله إن ذا خولان من أهل القرآن وأهل الصلاح فيما علمنا والله أعلم بسريرته فأخبرني أنه عرض له نفر من أهل صنعاء من أهل حروراء فقالوا له زكاتك التي تؤديها إلى الأمراء لا تجزي عنك فيما بينك وبين الله لأنهم لا يضعونها في مواضعها فأدها إلينا فأنا نضعها في مواضعها نقسمها في فقراء المسلمين ونقيم الحدود ورأيت أن كلامك يا أبا عبد الله أشفى له من كلامي ولقد ذكره أنه يؤدي إليهم الثمرة للواحد مائة فرق (1) على رواية ويبعث بها مع رفيقه فقال له وهب يا ذا خولان أتريد أن تكون بعد الكبر حروريا تشهد على من هو خير منك بالضلالة فماذا أنت قائل لله غدا حين يقفك الله ومن شهدت عليه الله يشهد له بالإيمان وأنت تشهد عليه بالكفر الله يشهد له بالهدى وأنت تشهد عليه بالضلالة فأين تقع إذا خالف رأيك أمر الله وشهادتك شهادة الله أخبرني يا ذا خولان ما يقولون لك فتكلم عند ذلك ذو خولان وقال لوهب إنهم يأمروني أن لا أتصدق إلا على من يرى رأيهم ولا أستغفر إلا له فقال له وهب صدقت هذه محنتهم الكاذبة فأما قولهم في الصدقة فإنه قد بلغني أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذكر أن امرأة من أهل اليمن دخلت النار في هرة ربطتها (2) فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض (3) وإنسان ممن يعبد الله ويوحده ولا يشرك به شيئا أحب إلى الله من أن يطعمه من جوع أو هرة والله يقول في كتابه " ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا " (4) يقول يوما غضوبا على أهل معصيته ليغضب الله عليهم عسيرا " فوقاهم الله شر ذلك اليوم " (5) حتى بلغ " وكان سعيكم مشكورا " (6) ثم قال وهب ما كاد تبارك وتعالى أن يفرغ من تعديد ما أعد الله لهم بذك الطعام (7) في الجنة وأما قولهم لا تستغفروا إلا لمن رأى رأيهم أفهم خير من الملائكة والله يقول في سورة " حم عسق " (8) " والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويتغفرون لمن في الأرض " (9) وأنا
(٣٨٢)