طريق السماوة فقال لي أحدهم أنت مر (1) عبد الخمار قلت نعم (2) وكنت موصوفا بالنظافة وجودة الخمر وغسل الأواني فقال اسقني رطلا فقمت فغسلت يدي ثم نقرت الدنان فنظرت إلى أصفاها فبزلته وأخذت قدحا نظيفا فملأته ثم أخذت منديلا جديدا فسقيته فشرب وقال اسقني آخر فغسلت يدي وتركت ذلك الدن وذلك القدح وذلك المنديل ونقرت دنا آخر فبزلت (3) منه رطلا في قدح نظيف وأخذت منديلا جديدا فسقيته فشرب (4) وقال اسقني رطلا آخر فسقيته في غير ذلك القدح وأعطيته غير ذلك المنديل فشرب وقال بارك الله عليك فما أطيب شرابك وأنظفك فما كان رأيي أشرب أكثر من ثلاثة فلما رأيت نظافتك دعتني نفسي إلى شرب آخر فهاته فناولته إياه على تلك السبيل ثم قال لولا أسباب تمنع من بيتك لكان حبيبا إلي أن أجلس فيه بقية يومي هذا وولى راجعا في الطريق الذي بدأ منه وقال أعذرنا ورمى إلى أحد الرجلين اللذين كانا معه بشئ فإذا صرة فيها خمس مائة دينار وإذا هو الوليد بن يزيد أقبل من دمشق حتى شرب من شراب الحيرة وانصرف قال القاضي أخبار الوليد بن يزيد كثيرة وقد ذكرها الإخباريون مجموعة ومفرقة ومعظمها يأتي متفرقا في مجالس كتابنا هذا (5) فكنت قد جمعت شيئا منها فيه من سيرة وآثاره ومن شعره الذي ضمنه ما فخر بمن خرقه وسفاهته وحمقه وخسارته وهزله ومجونه وركاكته وسخافة دينه وما صرح به من الإلحاد في القرآن والكفر بمن أنزله وأنزل عليه عارضت به شعره السخيف بشعر حصيف وباطله بحق نبيه شريف وأتيت في هذا بما توخيت به رضا الله عز وجل واستيجاب (6) مغفرته أخبرنا أبو القاسم بن الحصين أخبرنا الأمير أبو محمد الحسن بن عيسى بن المقتدر بالله سنة ثمان وثلاثين وأربعماية قال قال الوليد بن يزيد * قم فاسقني قبل أصوات العصافير إني أرى الصبح قد نادى بتبشير
(٣٣٤)