ربك بمجنون وإن لك لأجرا غير ممنون وإنك لعلى خلق عظيم فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون " (1) المجنون وقد كانت قريش إذا سمعت بذكر محمد بما ذكر لهم الراهب وعداس قالوا فلعله مجنون وخاضوا في ذلك فوافق ذلك قول ورقة بن نوفل ففي ذلك أنزل الله " فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون " فلما رجعت خديجة إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أخبرته بالذي ذكر لها ورقة وقال لها نبي الله (صلى الله عليه وسلم) كلا والذي اختصني بالنبوة ما بي جنون وإنه لجبريل أتاني فأخبرني بالذي خاضت فيه قريش وبقول ورقة فاقترأ نبي الله (صلى الله عليه وسلم) على خديجة هذه الآيات فقالت الحمد لله كثيرا قد زادني هذا يقينا مع ما كنت فيه من اليقين ثم قالت له أحب أن تلقى ورقة فتنبأنه الحديث وتخبره بما حدثت عن هذه الآيات لعل الله يقبل بقلبه فإنه رجل قد أعطي علما وهو يقرأ الكتب فأتاه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلما أبصره ورقة رأى له هيبة وجمالا لم يكن يراه قبل ذلك فقال له ورقة يا ابن أخي حدثني ما رأيت وما قيل لك فإني أرى لك هيئة لم أكن أراها ولا أراك إلا صادقا فحدثني عن الذي أتاك في نور أتاك أو في ظلمه فصف لي صفته فإنه نعت لي ولن يخفى علي أهو هو أو غيره إن شاء الله فأخبره نبي الله بصفة جبريل ولما رأى من هيئته فقال له ورقة أشهد أن هذا جبريل فحدثني ما قال لك فأخبره كيف وضع يده على صدره وبين كتفيه فازداد ورقة يقينا واقترأ عليه (2) الآيات التي أقرأه جبريل والآيات بعد من " ن والقلم " (3) فقال له ورقة أشهد أن هذا كلام الله فهل أمرك بشئ تبلغه قومك فقال له لا فقال له ورقة أمرك أمر نبوة فإن أدرك زمانك اتبعك أما والذي نفس ورقة بيدة لئن أعلنت دعوت لأبلين الله في نصرتك من الصدق وحسن المودة فأبشر يا ابن عبد المطلب بما يسرك الله به وفشا قول ورقة في قريش وبصدقه في نبي الله (صلى الله عليه وسلم) فشق ذلك على الملأ من قريش وألقى الشيطان في قلوبهم أن قول هذا الرجل فساد لأمركم وهلاك لدينكم فكيف ترضونه وهو من فقرائكم وأصغركم واحتبس جبريل على نبي الله (صلى الله عليه وسلم) بعد ذلك ما شاء الله فقالت قريش ما نرى محمد أحدث شيئا بعد ولو كان من الله لتتابع الحديث كما بلغنا أنه كان يفعل من كان قبله فقد وعد الذي كان يأتيه وقلاه فأتاه جبريل عند ذلك فقال إن الله أنزل عليك يا محمد " والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما
(٢٠)