إليك لتخبرني عن جبريل قال الراهب سبحان الله ربنا القدوس ما بال جبريل تذكرينه يا سيدة نساء قريش في هذه البلدة التي إنما يعبد أهلها الأوثان قالت أنشدك بنصرانيتك ومسيحك لتخبرني عنه بعلمك فيه قال لها الراهب يا سيدة نساء قريش ذلك أمين الله ورسوله إلى أنبيائه ورسله الذي يرسله إليهم وهو صاحب الرسل وصاحب موسى وعيسى ابن مريم فازدادت يقينا وعرفت أن الله قد أهدى لمحمد (صلى الله عليه وسلم) أفضل الكرامة ثم أقبلت من عنده حتى تأتي عبدا لعتبة بن ربيعة نصرانيا من أهل نينوى يقال له عداس قالت له أذكرك الله يا عداس إلا حدثتني عن جبريل بما تجد عندك في الكتب قال قد ذكرتني بعظيم فإن جبريل عبد الله ورسوله وأمينه الذي يبعثه الله إلى الرسل وهو صاحب المرسلين كلهم وهو الذي كان مع موسى بين يدي فرعون وكان معه حين فلق البحر وكان معه إذا كلمه ربه بطور سيناء وكان معه في كل موطن من تلك المواطن كلها وهو صاحب عيسى ابن مريم الذي أيده به ثم قامت من عنده فأتت عما لها شيخا كبيرا يقال له ورقة بن نوفل نصرانيا فقالت أذكرك الله يا ابن عم والرحم التي بيني وبينك لما حدثتني عن جبريل ما هو قال قدوس ربنا الأعلى مهلا يا خديجة لا تذكرين جبريل ولست من أهل ذكره قالت أذكرك الله يا ابن عم لما حدثتني عنه فإني أرجو أن أكون قد كنت من أهل ذكره قال ما أنا بمخبرك عنه كما حدثتني ما أذكرك فإنك في بلد لا يذكر فيه ولا يدرون ما هو قالت فلا عليك أن ذكرت لك لتكتمن علي والصدق لي عما أسألك عنه فقال لها عند ذلك نعم قالت فإن ابن عبد الله ذكر لي وهو صادق بالله ما كذب ولا كذب إنه نزل عليه جبريل بحراء وإنه أخبره أنه رسول هذه الأمة وأقرأه آيات أرسل الله بها إليه فذعر لذلك ورقة وقال لئن كان حبريل قد استقرت قدماه اليوم على الأرض لقد نزل على خير أهل الأرض وما ينزل إلا إلى نبي وهو صاحب الأنبياء والرسل الذي يرسله الله إليهم وقد صدقتك عنه قال فأرسلي (1) إلي ابن عبد الله أسأله وأسمع من قوله وأحدثه فإني أخاف أن يكون غير جبريل فإن بعض الشياطين يتشبه بغير صورته ليظل به بني آدم ويفسدهم حتى يصير الرجل بعد العقل الرضي مدلها مجنونا وأنا خائف على صاحبك أن يكون كذلك فقامت من عند ورقة و هي واثقة بالله أن لا يفعل الله بصاحبها إلا خيرا فرجعت إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) وقد نزل جبريل فأنبأته بما تكلم به ورقة ومن تخويف الشياطين فأنزل الله عليه " نون والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة
(١٩)