تحول إلى البصرة وابتناها سبعة دساكر منها في الخريبة اثنين وفي الزابوقة واحدة وعند دار الرزق وبني تميم اثنتين وفي الأزد اثنتان ثم إن عتبة بن غزوان خرج على فرات البصرة ففتحه الله عليه ثم رجع إلى البصرة فكان أول ثغور فارس مما يليها فكتب عمر إلى عتبة ابن غزوان أن أنزلها الناس ويكونوا (1) بها ويغزوا عدوهم من قريب وقد كان عتبة بن غزوان خطب الناس فكان أول خطبة خطبها بالبصرة فحمد الله وأثنى عليه وكان بدريا فقال ألا إن الدنيا قد أدبرت وتولت وآذنت (2) بصرم فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة (3) الإناء يصطبها أحدكم ألا وإنكم منتقلون من هذه الدار لا محالة إلى دار مقامة فانتقلوا بخير ما يحضرنكم ولقد بلغني أن الحجر يلقى من شفير جهنم فلا يبلغ قعرها سبعين خريفا فعجبتم والله لتملأن لقد بلغني أن للجنة ثمانية أبواب عرض ما بين جانبي الباب مسيرة خمسمائة عام وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام ولقد رأيتني مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سابع سبعة ما لنا طعام إلا ورق الشجرة وشوك القتاد (4) حتى قرحت أشداقنا ولقد التقطت يوما تمرة فشققتها بيني وبين سعد بن أبي وقاص وما منا اليوم رجل إلا وهو أمير على مصر من الأمصار ألا وإنها لم تكن نبوة فتطاولت إلا تناسخت ملكا فأعوذ بالله أن أكون عظيما في نفسي صغيرا في أعين الناس وستجربون الأمراء بعدنا وتعرفون منهم وتنكرون يغفر الله لي ولكم قال فبينا عتبة في خطبته إذ أقبل رجل من ثقيف يكنى أبا عبد الله بكتاب من عمر بن الخطاب إلى عتبة بن غزوان أما بعد فإن أبا عبد الله ذكر لي أنه اقتنى خيلا (5) بالبصرة حين لا يقتنيها أحد فإذا أتاك كتابي هذا فأحسن جوار أبي عبد الله وأعنه على ما استعانك عليه فكان أبو عبد الله أول من ارتبط بالبصرة فرسا واتخذه وكان سعد بن أبي وقاص يكتب إلى عتبة بن غزوان كتاب الأمير عليه فأنف من ذلك عتبة وكتب إلى عمر أن يقدم عليه فأذن له واستخلف عتبة على البصرة المغيرة بن شعبة وخرج حتى أتى عمر فشكا (6)
(٣٤)