حج معاوية بن أبي سفيان عاما إذا كان بالأبواء (1) اطلع في بئر لها عادية فضربته اللقوة فمضى حتى أتى مكة فدخل داره وأرخى حجابه ودعا بعمامة سوداء فاعتم بها على شقه الذي لم يصبه ثم أذن للناس فلما أخذوا مجالسهم حمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد (صلى الله عليه وسلم) ثم قال أيها الناس إن ابن آدم بعرض بلاء إما مبتلى ليؤجر وإما معاقب بذنب وإما مستعتب ليعتب وما أعتذر من واحدة من ثلاث فإن ابتليت فقد ابتلي الصالحون قبلي وإني لأرجو أن أكون منهم وإن عوفيت فقد عوفي (2) الخاطئون قبلي (3) وما آمن أن أكون منهم وإن مرض عضو مني فما أحصي صحيحي ولو كان الأمر إلى نفسي ما كان لي على ربي أكثر مما أعطاني فأنا ابن بضع وستين فرحم الله عبدا دعا لي بالعافية فوالله لئن عتب علي بعض خاصتكم لقد كنت حدبا (4) على عامتكم قال فعج الناس يدعون له فبكى معاوية فلما خرجوا من عنده قال له مروان بن الحكم يا أمير المؤمنين لم بكيت قال يا مروان كبر سني ورق (5) عظمي وابتليت في أحسن ما يبدو مني وخشيت أن تكون عقوبة من ربي ولولا هواي في يزيد لأبصرت رشدي أخبرنا أبو الحسن أيضا نا عبد العزيز بن أحمد أنا أبو محمد بن أبي نصر أنا أبو الميمون نا أبو زرعة حدثني دحيم نا أيوب بن سويد عن عمرو بن هزان عن أبيه عن عبادة بن نسي قال خطبنا معاوية بالصنبرة (6) قال لقد شهد معي صفين ثلاثمائة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما بقي منهم أحد غيري (7) وإنما ذلك فناء قرني وإن فناء الرجل فناء قرنه ثم ودعنا وصعد الثنية فكان آخر العهد به أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع أنا أبو عمرو بن مندة أنا أبو محمد بن يوة أنا
(٢١٥)