أنا الحسن بن محمد بن أحمد أنا أحمد بن محمد بن عمر نا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا حدثني أبو عبيد الله محمد بن صالح القرشي حدثني أبو مسعود عمرو بن عيسى الرياحي قال حدث أبو جناب الكلبي وأنا في الحلقة معه قال حدثني شيخ من أهل مكة هذا الحديث سنة مائة قال لما قتل مصعب بن الزبير بالعراق وبلغ عبد الله بن الزبير بمكة قطع به فأضرب عن ذكر مقتله أياما حتى تحدث به العبيد والإماء في سكك مكة (1) ثم صعد ذات يوم المنبر فأسكت عليه هنيهة فنظرت إليه فإذا جبينه يعرق وإذا أثر الكآبة على وجهه لا تخفى فقلت لأخ لي إلى جانبي أما والله إنه للبيب النهد وإنه لمن يهون عليه دهاء الرجال عند الجدال وعند القتال فما تراه يهاب من المنطق قال فلعله يريد أن يذكر مقتل سيد فتيان العرب المصعب بن الزبير فقطع بذلك وغير ملوم فما كان بأسرع أن قام فقال الحمد لله الذي له الخلق والأمر وملك الدنيا والآخرة يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شئ قدير ألا وإنه لم يذلل من كان الحق معه وإن كان فردا ولم يعز الله من كان من أولياء الشيطان وحزبه وإن كان معه الناس طرا إنه أتانا خبر من قبل العراق أحزننا وأفرحنا قتل المصعب بن الزبير رحمة الله عليه فأما الذي أحزننا (2) من ذلك فإن لفراق الحميم لوعة يجدها له حميمة عند المصيبة له ثم يرعوي بعدها ذو الرأي إلى جميل الصبر وكريم العزاء وأما الذي أفرحنا له فإنا قد علمنا أن قتله له شهادة وأن الله جعل ذلك لنا وله خيرة ألا إن أهل العراق أهل الغدر والنفاق أسلموه وباعوه بأقل ثمن كانوا يأخذون منه إسلام النعام المخطم فقتل وإن يقتل المصعب قد قتل أبوه وأخوه وعمه وخاله وكانوا الخيار الصالحين إنا والله ما نموت حبجا (3) ما نموت إلا قتلا قتلا قعصا بالرماح (4) وموتا تحت ظلال السيوف ثم قال ألا إن الدنيا عارية من الملك إلا على الذي لا يزول سلطانه ولا يبيد فإن
(٢٤٦)