المواصلة وجمع له الجيوش والعساكر وأنفق فيهم الأموال والذخائر فأيس الروم من بلوغ ما كان يرجو وتمنى منه المصالحة لعساه ينجو فاستقر رجوعه إلى بلاده ذاهبا فرجع من حيث جاء خائبا ولم يقتل بالشام مع كثرة عسكره مقتله ولم يرع من زرع حارم ولا غيرها سنبلة وحمل إلي بيت مال المسلمين من التحف ما حمل ولم يبلغ أمله وضل ما عمل وغزا معه أخوه قطب الدين في عسكر الموصل وغيرهم من المجاهدين فكسر الفرنج والروم والأرمن وأذاقهم كؤوس المنية بالأسنة والصوارم فأبادهم حتى لم يفلت منهم غير الشديد الذاهل وكانت عدتهم ثلاثين ألفا بين فارس وراجل ثم نزل على قلعة حارم فافتتحها ثانية وحواها وأخذ أكبر قرى عمل أنطاكية وسباها وكان قبل ذلك قد كسرهم بقرب بانياس وقتل جماعة من أبطالهم وأسر كثيرا من فرسانهم ورجالهم وقد كان شاور السعدي أمير جيوش مصر وصل إلى جنابه مستجيرا لما عاين الذعر فأحسن جواره وأكرمه وأظهر بره واحترامه وبعث معه جيشا كثيفا يرده إلى درجته فقتلوا خصمه ولم يقع منه الوفاء بما قرر من جهته واستجاش بجيش العدو طلبا للبقاء في السمو ثم وجه إليه بعد ذلك جيشا آخر فأصر على المسامقة له وكابر واستنجد بالعدو خذله الله فأنجدوه وضمن لهم الأموال الخطيرة حتى عاضدوه وانكفأ جيش المسلمين إلى الشام راجعا وحدث متملك الفريج نفسه بملك مصر طامعا فتوجه إليها بعد عامين راغبا في انتهاز الفرصة فأخذ بلبيس (1) وخيم من مصر بالفرصة فلما بلغه ذلك تدخل جهده في توجيه الجيش إليها وخاف من تسلط عدو الدين عليها فلما سمع العدو خذله من الله بتوجه جيشه رجعوا خائبين وأصبح أصحابه بمصر لمن عاندهم غالبين وأمل أهل أعمالها بحصول جيشه عندهم وانتعشوا وزال عنهم ما كانوا قد خشوا واطلع من شاور على المخامرة وأنه راسل العدو طمعا منه في المظافرة وأرسل إليهم ليردهم ليدفع جيش المسلمين بجندهم فلما خيف من شره ومركه لما عرف من غدره وختره وانفتح الأسر في ذلك واستبان تمارض الأسد ليقتنص الثعلبان فجاءه قاصدا لعيادته جاريا في خدمته على عادته فوثب جورديك وبزغش موليا نور الدين فقتلا شاور وأراحا العباد والبلاد من شره وأما شاور فإنه أول من تولى القبض عليه ومد يده الكريمة إليه بالمكروه وصفا الأمر لأسد الدين وملك وخلعت
(١٢٢)