يقول لك أمير المؤمنين بعثت إليك بالذي أسهرك لتشرب فيه وتنتفع بما يصل معه قال فأعطي الخادم قبضة من الدنانير وفرق نصف ما فيه على جلساته وأعطى النصف خازنه وشرب في القدح ثلاثة (1) أرطال رطلا بعد رطل ورده فكان مبلغ الدنانير عشرة آلاف دينار (2) قال القاضي (3) ما في هذا الخبر أن الأمين قال بكرا أصارني البارحة وهذا كلام مستفيض في العامة إطلاقها إياه في خطابهم وفيما يرووه عن (4) غيرهم قال فأما أهل العلم بالعربية فيذهبون إلى أنه يقال في أول النهار إلى زوال الشمس لليلة الماضية كان كذا وكذا الليلة فإذا زالت الشمس قالوا حينئذ البارحة وفي هذا الخبر ذكر الكأس وقد ذهب قوم إلى أنها اسم للخمر واسم للإناء وقال الله تعالى " يطاف عليهم بكأس من معين بيضا لذة للشاربين " (5) وقيل إنها في قراءة عبد الله صفراء وقال الفراء الكأس للإناء بما فيه فإذا أخذ ما فيه فليس بكأس كما أن المهدي الطبق الذي عليه الهدية فإذا أخذ ما عليه وبقي فارغا رجع إلى اسمه إن كان طبقا أو خوانا أو غير ذلك وقال بعض أهل التأويل الكأس الخمر قال الله تعالى " إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا " (6) وقال جل ذكره " ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا " (7) وأنشده أبو عبيدة * وما زالت الكأس تفتا لنا * وتذهب بالأول الأول (8) * وقال الأعشى (9) * وكأس شربت على لذة * وأخرى تداويت منها بها *
(٢١٩)