قال وحدثنا الزبير حدثني عثمان بن المنذر وغيره أن هشام بن عروة قال لما قدم عروة من الشام في سفره الذي أصيب فيه برجليه وبابنه محمد فبلغ قصره بالعقيق حملناه لننزله من محمله فسمعناه يقول " لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا " قال وحدثنا الزبير حدثني مصعب بن عبد الله قال توفي محمد بن عروة مع أبيه وعروة يومئذ عند الوليد بن عبد الملك وفي ذلك السفر أصيب رجل عروة وكان محمد بن عروة من أحسن الناس وكان عروة حبه حبا شديدا قال فقام محمد بن عروة على سطح فيه خلاء فقام من الليل فسقط من الخلاء في إصطبل الدواب فتخبطته حتى مات وكان الماجشون مع عروة بالشام فكره أصحاب عروة وغلمانه أن يخبروه خبره فذهبوا إلى الماجشون فأخبروه فجاء من ليلته فاستأذن على عروة فوجده يصلي فأذن له في مصلاه فقال له هذه الساعة قال نعم يا أبا عبد الله طال علي الثواء وذكر الموت وزهدت في كثير مما كنت أطلب وخطر ببالي ذكر من مضى من القرون قبلي فجعل الماجشون يذكر فناء الناس وما مضى ويزهد في الدنيا ويذكر بالآخرة (1) حتى أوجس عروة فقال قل (2) فيما تريد فإنما قام من عندي محمد آنفا فمضى في قصته ولم يذكر شيئا ففطن عروة فقال إنا لله وإنا إليه راجعون فأحتسب محمدا عند الله فعزاه الماجشون عليه وأخبره بموته قال فأنشدتني أم كلثوم بنت عثمان بن مصعب بن عروة بن الزبير لعبد الله بن عروة يرثي أخاه محمدا * ما بال عيني لا تنام كأنما * لذغت بواطن مدمعي بشهاب تبكي على نفر أصيب سراتهم * من بين مكتهل وبين شباب (3) تبكي محمد حل ميتا هالكا * سمع السجية طاهر الأثواب لا يحتويه جاره ونزيله * ويذل للقربى بغير عتاب لو كنت أعلم أن حتفك عاجل * لقضيت من أرب إليك جوابي كتبت منيته برمحة بغلة * قدرا فسيق لمكتب الكتاب * قال وأنشدني عمي مصعب بن عبد الله ومصعب بن عثمان لإسماعيل بن يسار
(٢١٤)