بطرسوس سنين قال مات لأبي عبد الله بن خفيف ابن يقال له عبد السلام فما بقي بشيراز من الخاص والعام والجند والأمراء أحد (1) إلا حضروا جنازته فلم يجسر أحد أن (2) يعزيه لما كان في نفوسهم أن مثله لا يعزى قال وأنبأنا محمد قال سمعت أبا أحمد الكبير قال صحبت أبا عبد الله ستين سنة عشرون لا أفارقه ليلي ولا نهاري وأربعون سنة أصلي معه الصلوات الخمس فما رأيته غضب إلا ثلاث مرات قيل له إن أبا ميمون المعدل تكلم في مشايخ الصوفية فغضب ومرة سئل عن قول أبي زيد انسلخت من جلدي كما انسلخت الحية من جلدها فسكت ثم قال مغضبا سئل بندار بن الحسين عن هذه المسألة فتكلم في أبي يزيد (3) ولم يتكلم في المسألة ومرة قتلوا في مسجده كلبا فغضب ودعا عليهم قال وأنبأنا محمد قال سمعت أبا العباس قال سمعت أبا عبد الله يقول كنت بالبصرة مع جماعة من أصحابنا فوقف علينا صاحب مرقعة أعور فقال من منكم ابن خفيف فأشاروا إلي فقال تأذن لي أن أسألك مسألة فقلت لا قال ولم فقلت لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) ما خير بين أمرين إلا اختار أيسره (4) وأيسره أن لا تسألني ولا احتاج أجيبك فقال لا بد فقلت هذا غير ذاك فقل الآن ما شئت أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر أنبأنا أبو بكر البيهقي أنبأنا أبو عبد الرحمن السلمي قال قال أبو عبد الله بن خفيف (5) حقيقة القناعة ترك الشرف (6) إلى المفقود والاستغناء بالموجود وقال أيضا القناعة الاكتفاء بالبلغة أخبرنا أبو بكر البروجردي أنبأنا علي بن عبد الله أنبأنا أبو عبد الله بن باكويه أنبأنا أبو أحمد الكبير قال سمعت أبا عبد الله يقول لا ينفك العبد عما يحجبه عن الله إلا بالعلم ولو أردت وصفت لك كيف انقطع من انقطع عن الله وكيف وصل من وصل إليه وكيف ذهب من ذهب وكيف رجع من رجع وأنا منقطع عن الله وليس يوفقني للرجوع إليه وبكى وأبكى الناس
(٤١٨)