عنده ورثثن في عينه سوى لذته من محادثه محمد بن جعفر فإنها تجدد عنده في كل يوم وليلة وقد كدرها علي بكثرة ما يحملني عليه من حوائج الناس فاحتل لمولاك (1) فيما كدر عليه من لذته فقال الربيع أفعل يا أمير المؤمنين وخرج من عنده فأتى محمد بن جعفر فعاتبه على ما يحمل المنصور عليه من حوائج الناس وسأله إعفاءه من ذلك فنصح (2) عن نفسه فيما عاتبه عليه فاجابه إلى أن لا يسأله حاجة لأحد فأمره بالغدو على المنصور ورجع إلى المنصور فاعلمه ذلك وبلغ قوما من قريش قدموا العراق لحوائجهم ما كان من أمر محمد بن جعفر ومن الربيع وأنه عازم على الغدو على المنصور فكتبوا حوائجهم في رقاع ووقفوا بها على طريق محمد بن جعفر فلما غدا يريد المنصور عرضوا له بها ومتوا إليه بقراباتهم وتوسلوا بأرحامهم وسألوه ايصال رقاعهم والتماس نجاح ما فيها فاعتذر إليهم وسألهم أن يعفوه من ذلك فأبوا أن يقبلوا ذلك منه وألحوا عليه فقال لست أكلم المنصور في حاجة لأحد من الناس فإن أحببتم أن تودعوا رقاعكم كمي فافعلوا فقذفوا رقاعهم في كمه ومضى حتى دخل على المنصور وهو في الخضراء مشرف على مدينة السلام ودجلة والصراة وما حولها من البساتين والمزارع فعاتبه فنصح (3) عن نفسه ثم حادثه ساعة قال له المنصور أما ترى حسن مستشرفنا هذا قال أرى يا أمير المؤمنين فبارك الله لك فيما آتاك وهناك بإتمام النعمة عليك ما أعطاك فما بنت العرب في دولة الإسلام ولا العجم في مدة الكفر مدينة أحصن ولا أحسن ولا أجمع للخصال المحمودة منها وقد سمجها (4) في عيني خصلة قال وما هي قال ليس لي فيها ضيعة فتبسم ثم قال فإني أحسنها في عينك بثلاث ضياع أقطعك في أكنافها فاغد على أمير المؤمنين يسجل (5) لك بها فقال أنت والله يا أمير المؤمنين سهل الموارد كريم المصادر فجعل الله باقي عمرك أكثر من ماضيه فقد بررت فأفضلت ووصلت فأجزلت وأنعمت فأسبغت فبدرت الرقاع من كمية (6) وهو يتشكر له فأقبل يردهن في كمه ويقول أرجعن خاسئات فضحك وقال بحق أمير المؤمنين عليك لما أخبرته خبر هذه الرقاع فأعلمه فقال أبيت يا بن معلم الخير
(٢١٥)