جمعت الرحلة بين محمد بن جرير ومحمد بن إسحاق بن خزيمة ومحمد بن نصر المروزي ومحمد بن هارون الروياني بمصر فأرملوا ولم يبق عندهم ما يقوتهم وأضربهم الجوع فاجتمعوا ليلة في منزل كانوا يأوون إليه فاتفق رأيهم على أن يستهموا ويضربوا القرعة فمن خرجت عليه القرعة سأل لأصحابه الطعام فخرجت القرعة على محمد بن إسحاق بن خزيمة فقال لأصحابه أمهلوني حتى أتوضأ وأصلي صلاة الخيرة قال فاندفع في الصلاة فإذا هم بالشموع وخصي من قبل والي مصر يدق الباب ففتحوا الباب فنزل عن دابته فقال أيكم محمد بن نصر فقيل هو هذا فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه ثم قال أيكم محمد بن جرير فقالوا هوذا فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه ثم قال أيكم محمد بن هارون فقالوا هوذا فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه ثم قال أيكم محمد بن إسحاق بن خزيمة فقالوا هوذا يصلي فلما فرغ دفع إليه الصرة وفيها خمسون دينار ثم قال إن الأمير كان قائلا (1) بالأمس فرأى في المنام خيالا قال إن المحامد طووا كشحهم جياعا فأنفذ إليكم هذه الصرار وأقسم عليكم إذا نقدت فابعثوا إلى أمدكم قرأت بخط عبد العزيز بن أحمد مما نقله من كتاب أبي محمد الفرغاني (2) صاحب أبي جعفر الطبري والذي ذيل تاريخه حدثني أبو علي هارون بن عبد العزيز (3) أن أبا جعفر لما دخل بغداد وكانت معه بضاعة يتقوت منها فسرقت فأفضت به الحال إلى بيع ثيابه وكمي قميصه فقال له بعض أصدقائه تنشط لتأديب بعض ولد الوزير أبي الحسن عبيد الله بن يحيى ابن خاقان قال له نعم فمضى الرجل فأحكم له أمره وعاد إليه فأوصله إلى الوزير بعد أن أعاره ما يلبسه فلما رآه عبيد الله قربة ورفع مجلسه وأجرى عليه عشرة دنانير في الشهر فاشترط عليه أوقات طلبه العلم والصلوات والأكل والشرب والراحة في حينها وسأل أسلافه رزق شهر ليصلح به حاله ففعل ذلك به وأدخل في حجرة التأديب فأجلس فيها وكان قد فرش له وخرج إليه الصبي وهو أبو يحيى فلما جلس بين يديه كتبه فأخذ الخادم اللوح ودخلوا مستبشرين فلم تبق جارية إلا أهدت إليه صينية فيها دراهم ودنانير فرد
(١٩٣)