قال وسمعت أبي يقول بقيت بالبصرة في سنة أربع عشرة (1) ومائتين ثمانية أشهر وكان في نفسي أن أقيم سنة فانقطعت (2) نفقتي فجعلت أبيع ثيابي شيئا بعد شئ حتى بقيت بلا نفقة ومضيت أطوف مع صديق لي إلى المشيخة وأسمع منهم إلى المساء فانصرف رفيقي ورجعت إلى بيت خالي فجعلت أشرب الماء من الجوع ثم أصبحت من الغد وغدا علي رفيقي فجعلت أطوف معه في سماع الحديث على جوع شديد فانصرف عني وانصرفت جائعا فلما كان الغد غذا علي فقال مر بنا إلى المشايخ فقلت أنا ضعيف لا يمكني قال ما ضعفك قلت لا أكتمك أمري قد مضى يومان (3) ما طعمت فيهما (4) فقال لي رفيقي معي دينار فأنا أواسيك بنصفه ونجعل النصف الآخر في الكراء فخرجنا من البصرة وقبضت منه النصف الدينار قال (5) وسمعت أبي يقول قلت على باب أبي الوليد الطيالسي من أغرب علي حديثا غريبا مسندا صحيحا لم أسمع به فله علي درهم يتصدق به وقد حضر على باب (6) أبي الوليد خلق من الحلق أبو زرعة فمن دونه وإنما كان مرادي أن يلقي علي ما لم أسمع به ليقولوا هو عند فلان فأذهب فاسمع وكان مرادي أن استخرج منهم ما ليس عندي فما تهيأ لأحد منهم أن يغرب علي حديثا أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد في كتابة عن أبي ثابت الرازي أنبأنا أبو حاتم أحمد بن الحسن أنبأنا أحمد بن علي بن سلم (7) حدثنا علي بن إبراهيم الخطيب (8) قال سمعت أحمد بن علي الرقام (9) يقول سمعت الحسن بن الحسين الدرستيني يقول سمعت أبا حاتم يقول قال لي أبو زرعة ما رأيت أحرص على طلب الحديث منك يا أبا حاتم فقلت إن
(١١)