الطمع اليأس فلما التقينا مسلمة سلمنا عليه فرد علينا ثم قال أما بلغكم أن إمامكم لا يقبل الشعر فقلنا له وصح لنا خبر حتى انتهينا إليك يا بن الخليفة ووجمنا له وجمة عرفها في وجوهنا فقال إن يك ذو دين بني مروان تخشيم حرمانه فإن صاحب دنياها قد بقي لكم عنده ما تحبون (1) فما ألبث (2) حتى انصرف وأمنحكم وآتي ما أنتم أهله فلما رجع كانت رحالنا عنده وأكرم منزلنا وأقمنا عنده أربعة أشهر يطلب الإذن لنا هو وغيره فلم يؤذن لنا إلى أن قلت في جمعة من تلك الجمع لو أني دنوت من عمر فسمعت كلامه فتحفظته كان ذلك رأيا ففعلت فكان مما حفظته من قوله يومئذ لكل سفر زاد لا محالة فتزودوا لسفركم من الدنيا إلى الآخرة التقوى وكونوا كمن عاين ما أعد الله له من عذابه وثوابه فترغبوا وترهبوا (3) ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم وتنقادوا لعدوكم فإنه والله ما بسط أمل من لا يدري لعله لا يمسي بعد إصباحه ولا يصبح بعد إمسائه وربما كانت له بين ذلك خطرات المنايا وإنما يطمئن من وثق بالنجاة من عذاب الله وأهوال يوم القيامة فأما من لا يداوي من الدنيا كلما (4) إلا أصابه جارح من ناحية أخرى فكيف يطمئن أعوذ بالله من آمركم (5) بما أنهى عنه نفسي فتخسر صفقتي وتبدو مسكنتي في يوم لا ينفع فيه إلا الحق والصدق ثم بكى حتى ظننا أنه قاض نحبه وارتج المسجد وما حوله بالبكاء والعويل فانصرفت إلى صاحبي فقلت خذا شرخا من الشعر غير ما كنا نقول لعمر وآبائه فإن الرجل آخري وليس بدنياوي إلى أن استأذن لي مسلمة في يوم جمعة بعد ما أذن للعامة فلما دخلنا سلمت ثم قلت يا أمير المؤمنين طال الثواء وقلت الفائدة وتحدث بجفائك إيانا وفود العرب فقال يا كثير " إنما الصدقات للفقراء والمساكين " إلى آخر الآية (6) أفمن واحد [من] (7) هؤلاء أنت فقلت ابن سبيل منقطع قال أو لست ضيف أبي سعيد قلت بلى قال ما أرى من كان ضيف أبي سعيد منقطعا به قلت أيأذن لي أمير المؤمنين
(٩١)