قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف المقرئ وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم وأبو الوحش سبيع بن المسلم عنه أنبأنا أبو مسلم محمد بن علي الكاتب أنبأنا أبو بكر محمد بن الحسن (1) بن دريد أنبأنا أبو عثمان عن الثوري عن أبي عبيدة قال وفد الحجاج إلى عبد الملك فوجد عنده كثير بن هراسة العامري وعند عبد الملك يومئذ وجوه الناس من قريش وغيرهم فقال عبد الملك يا حجاج قال لبيك يا أمير المؤمنين قال إن العلماء يزعمون أن ثقيفا من إياد وقد قال الشاعر:
قومي إياد لو أنهم أمم * ولو أقاموا لتمت النعم فقال الحجاج أصلح الله أمير المؤمنين وأمتع به إن الحق أبلج وإن مسلك الصدق منهج وإن طريق الباطل أعوج وإنه لم يخز من ركب الحق ولم يعم من قصد الصدق ونحن من قيس عيلان أورقت غصوننا بورقه وقد قال شاعرنا:
بان إيادكم ضل من ضل * وأنا من إيادكم براء وإنا معشر من جذم قيس * فنسبتنا ونسبتهم سواء خلقنا منهم وبنوا علينا * كما بنيت على الأرض السماء فقال ابن هراسة والله يا أمير المؤمنين إن هذا الشر (2) أصيل وعار وبيل وخطب جليل دخول رجل في قوم ليس منهم وخروجه عن قوم رغبة عنهم إلا أنه قد عرف أنه ليس من الفريقين جميعا فأحب أن يغتر (3) بالعدد والعدة والله يا أمير المؤمنين ما كثرونا من قلة ولا اعتززنا بهم من ذلة وما بنا إليهم من حاجة ولكن ساقتهم إلينا الفاقة ونحن قوم نجير الذمار ونحفظ الجوار فلجأوا إلينا حين ضاقت عليهم المذاهب وكدحتهم المخالب وكبحتهم المضارب وأيم الله لوددت أنهم لحقوا بعشائرهم فإنهم يفسدون إذا أصلحنا ويصلحون إذا أفسدنا لئام الجدود قصار الحدود بقية آل ثمود وأمساخ القرود عبيد وأبناء عبيد ابتزوا (4) أشرا واستنوا مرحا واختالوا بطرا فقال له الحجاج والله يا بن هراسة إنك لتمد بيد قصيرة وباع ضيقة لا تنزع عن