فقال له خذ هذه يا أبا المستهل فاستعن بها على سفرك فقال لو وصلتني بدانق لكان شرفا ولكن على مدحكم لا آخذ ثمنا ولا آجرا إلا من أردت به وجهه والوسيلة عنده ولكن إن أحببت أن تحسن إلي فادفع بعض ثيابك التي تلي جسدك أتبرك به فقام علي بن الحسين فنزع ثيابه فدفعها كلها إليه وأمر بجبة له كانت يصلي فيها فدفعت إليه ثم قال اللهم إن الكميت جاد في آل رسولك وذرية نبيك بنفسه حين ضن الناس وأظهر ما كتمه غيره من الحق فأمته شهيدا وأحيه سعيدا وأره الجزاء عاجلا واجز له جزيل المثوبة آجلا فإنا قد عجزنا عن مكافأته وأنت واسع كريم قال الكميت فما زلت أتعرف بركة دعائه قال وحدثنا محمد بن جعفر أنبأنا ابن الأنباري حدثنا أبي عن أحمد بن عبيد عن المدائني قال قال الكميت لمحمد بن علي إني قد قلت أبياتا إن أظهرتها خشيت على نفسي وإن أخفيتها خشيت على ديني قال هاتها فأنشده هذه الأبيات (1):
نفى عن عينك الأرق الهجوعا * وهم يمتري منه (2) الدموعا (3) * فاستدار علي بن الحسين إلى القبلة ثم رفع يديه وقال اللهم اغفر للكميت ثلاث مرات قال وأنبأنا محمد بن جعفر أنبأنا أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم بن عرفة نفطويه أنا المبرد حدثنا العتبي عن أبيه قال لما قال الكميت بن زيد الأسدري شعره أتى أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين فقال إني قد قلت شعرا إن كتمته خشيت الله وإن أظهرته خفت على نفسي فأنشده:
نفى عن عينك الأرق الهجوعا * وهم يمتري منه الدموعا إلى قوله (4):
أجاع الله من أشبعتموه * وأشبع من بجوركم أجيعا فأدار أبو جعفر وجهه إلى القبلة حتى أتم القصيدة قال أبو عبد الله وفي هذا شرف