* وضع الدهر فيهم شفرتيه * فمضى سالما وأضحوا شعوبا * شفرتان أدهشتا والله من كان قبلهم فأذهبت أبدانهم وأبقت آثارهم فيا موعوظا بمن كان قبله وموعوظا به من هو آت بعده اربح نفسك إذ خسرها غيرك ثم أنشد * إذا غاب رهط المرء غاب نصيره * وأطرق وسط القوم وهو جليد وأكثر غض الطرف دون عدوه * فأغضي وطرف العين منه حديد وإن امرءا يأتي له الحول لا * من الناس إلا الأبعدين وحيد * أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله إذنا ومناولة وقرأ علي إسناده أنا محمد بن الحسين أخبرنا المعافى بن زكريا القاضي (1) نا يزداد بن عبد الرحمن نا أبو موسى يعني تينة نا العتبي عن أبيه عن أبي خالد عن أبيه قال وفد محمد بن عطارد إلى الحجاج في نيف وسبعين راكبا فاستزارهم عمرو بن عتبة فقال يا أبا سفيان ما بال العرب تطيل كلامها ويقصرونه معاشر قريش فقال عمرو بالجندل يرمى الجندل إن كلامنا كلام يقل لفظه يكثر معناه ويكتفي بأولاه ويشتفي بأخراه ينحدر تحدر الماء الزلال على الكبد الحري لقد نقص كما نقص غيره بعد أقوام والله أدركتهم كأنما جعلوا لتحسين ما فتحت (2) الدنيا سهلت لهم ألفاظهم كما سهلت لهم أنفاسهم فصانوا أعراضهم وابتذلوا أموالهم حتى ما يجد المادح فيهم مزيدا ولا الغائب فيهم مطعنا فلو احتفلت الدنيا ما تزينت إلا بهم ولو نطقت ما افتخرت إلا بفعالهم ولقد كان آل (3) أبي سفيان مع قلتهم كثيرا منه نصيبهم ولله در مولاهم حيث يقول * وضع الدهر فيهم شفرتيه * فمضى سالما وأضحوا شعوبا شفرتان والله وضعتا على من كان قبلهم وأفنت أبدانهم وأبقت أخبارهم وأبقت حسنا في الدنيا ثوابه وسيئا في الدنيا عقابه وفي الآخرة أسوأ قال القاضي قول عمرو بن عتبة في هذا الخبر من أبلغ كلام وأحسنه وكان قوله وأفنت أبدانهم وأبقت أخبارهم مأخوذة من قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في خبر كميل بن زياد وقد ذكر العلم وفضله على المال وشرفه مات خزان الأموال وهم أحياء
(٢٧٤)