بالشرك الذي خرجنا منه محضا فلو كانت الدنيا مع الدين أخذناها وإياه وإن كانت تنحاز عن الباطل لأخذناها وتركناه فلما رأيت ذلك كذلك خلطنا عملا صالحا وآخر سيئا فعسى الله أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع أنا أبو عمرو بن مندة أنا أبو محمد بن يوة أنا أبو الحسن اللنباني (1) أنا أبو بكر بن أبي الدنيا أخبرني محمد بن صالح القرشي عن علي بن محمد القرشي (2) عن جويرية بن أسماء أن عمرو بن العاص قال لعبد الله بن عباس يا بني هاشم أما والله لقد تقلدتم بقتل عثمان قرم (3) الإماء العوارك (4) أطعتم فساق أهل العراق في عتبه وأجزرتموه مراق (5) أهل مصر وأوتيم قتلته وإنما نظر الناس إلى قريش ونظرت قريش إلى بني عبد مناف ونظرت بنو عبد مناف إلى بني هاشم فقال عبد الله بن عباس لمعاوية يا معاوية ما تكلم عمرو إلا عن رأيك وإن أحق الناس أن لا يتكلم في أمر عثمان لأنتما أما أنت يا معاوية فزينت له ما كان يصنع حتى إذا حصر طلب نصرك فأبطأت عنه وأحببت قتله وتربصت به وأما أنت يا عمرو فأضرمت المدينة عليه وهربت إلى فلسطين تسأل عن أنبائه فلما أتاك قتله أضافتك عداوة علي أن لحقت بمعاوية فبعت دينك منه بمصر فقال معاوية حسبك يرحمك الله عرضني لك عمرو وعرض نفسه لا جزي عن الرحم خيرا أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد في كتابه أنا أبو نعيم الحافظ نا أبي نا أحمد بن محمد بن يوسف أنا أبو نصر المصري نا المزني قال سمعت الشافعي يقول دخل ابن عباس على عمرو (6) بن العاص فقال كيف أصبحت يا أبا عبد الله قال أصبحت وقد ضيعت من ديني كثيرا وأصلحت من دنياي قليلا فلو كان الذي أصلحت هو الذي أفسدت هو الذي أصلحت لقد فزت ولو كان ينفعني أن أطلب طلبت ولو كان يحبني أن أهرب هربت فصرت كالمجنون بين السماء والأرض لا أرتقي بيدين ولا أهبط برجلين فعظني بعظة أنتفع بها يا ابن عباس
(١٧٧)