فلما سمع البطريق كلامه وبيانه وأداه (1) قال بالرومية يا معشر الروم أطيعوني اليوم واعصوني الدهر أمير القوم ألا ترون أني كلما كلمته كلمة أجابني عن نفسه لا يقول أشاور أصحابي وأذكرهم (2) ما عرضت علي وليس الرأي إلا أن نقتله قبل أن يخرج من عندنا فتختلف العرب بينها وينتهي أمرهم ويعفون عن قتالنا فقال من حوله من الروم ليس هذا برأي وقد كان دخل مع عمرو بن العاص رجل من أصحابه يعرف كلام الروم فألقى إلى عمرو ما قال الملك ثم قال الملك ألا تخبرني عندك في أصحابك مثلك يلبس ثيابك ويؤدي أداءك فقال عمرو أنا أكل أصحابي لسانا وأدناهم أداء وفي أصحابي من لو كلمته لعرفت أني لست هناك قال فأنا أحب أن (3) تبعث إلي رأسكم في البيان والتقدم والأداء حتى أكلمه فقال عمرو أفعل وخرج عمرو من عنده فقال البطريق لأصحابه لأخالفنكم لئن دخل فرأيت منه ما يقول لأضربن عنقه فلما خرج عمرو من الباب كبر وقال لا أعود لمثل هذا ابدا وأتى منزله فاجتمع إليه أصحابه يسألونه فخبرهم خبره وخبر البطريق فأعظم القوم ذلك وحمدوا الله على ما رزق من السلامة وكتب عمرو بذلك إلى عمر فكتب إليه عمر الحمد لله على إحسانه إلينا وإياك والتغرير بنفسك أو بأحد من المسلمين في هذا وشبهه وبحسب العلج منهم أن يكلم في مكان سواء بينك وبينه فتأمن غائلته ويكون أكسر فلما قرأ عمرو بن العاص كتاب عمر ترحم عليه ثم قال ليس (4) الأب البر بولده بأبر من عمر بن الخطاب برعيته قال ونا محمد بن عمر حدثني عبد الله بن جعفر حدثني عبد الواحد بن أبي عون عن موسى بن عمران بن مناح قال لما رأى عمرو بن العاص يوم اليرموك صاحب الراية ينكشف بها أخذها ثم جعل يتقدم وهو يصيح إلي يا معاشر المسلمين فجعل يطعن بها قدما وهو يقول اصنعوا كما
(١٥٦)