يأت عمرو لخير ولم يستطع (1) أن يخبرهم بمكاننا فإنه كان بآخر رمق فمات وشغلوا عن طلبنا بصاحبهم فحملوه فلبثنا ليلتين في مكاننا فقال صاحبي يا عمرو بن أمية هل لك في خبيب بن عدي تنزله (2) فقلت له أين هو قال هو ذاك مصلوب حوله الحرس فقلت أمهلني وتنح عني فإن خشيت شيئا فانج إلى بعيرك فاقعد عليه فائت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأخبره الخبر ودعني فإني عالم بالمدينة ثم اشتددت عليه حتى حملته (3) فحملته على ظهري فما مشيت به إلا عشرين ذراعا حتى استيقظوا فخرجوا في طلب أثري فطرحت الخشبة فما أنسى وقعتها دب يعني صوتها ثم أهلت عليه من التراب برجلي فأخذت بهم طريق الصفيراء (4) فأعيوا ورجعوا وكنت لا أدرك مع بقاء نفس فانطلق صاحبي إلى البعير فركبه وأتى النبي (صلى الله عليه وسلم) فأخبره وأقبلت حتى أشرفت على الغميم غميم (5) ضجنان (6) فدخلت في غار فيه معي فرسي (7) وأسهم وخنجر فش بينما أنا فيه إذ أقبل رجل من بني بكر من بني الديل أعور طويل يسوق غنم (8) معزى فدخل علي الغار وقال من الرجل فقلت من بني بكر فقال وأنا من بني بكر ثم اتكئ فرفع عقيرته يتغنى ويقول * فلست بمسلم ما دمت حيا * ولست أدين دين المسلمينا * فقلت في نفسي والله إني لأرجو أن أقتلك قال فلما نام (9) قمت إليه فقتلته شر قتلة قتلتها أحدا قط ثم خرجت حتى هبطت فلما أسهلت بي الطريق إذا رجلان بعثتهما قريش يتجسسان الأخبار فقلت استأسرا فأبى أحدهما فرميته فقتلته فلما رأى ذلك الآخر استأسر فشددته وثاقا ثم أقبلت به إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فلما قدمت المدينة رآني صبيان وهم يلعبون وسمعوا أشياخهم يقولون هذا عمرو فاشتد الصبيان إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فأخبروه فأتيته بالرجل قد ربطت
(٤٢٨)