فحبس عند أسيد ثم دعا به من الغد فقال قد أمنتك فاذهب حيث شئت أو (1) خير لك من ذلك قال وما هو فقال أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله قال فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك أنت رسول الله والله يا محمد ما كنت أفرق فما هو إلا أن رأيتك فذهب عقلي وضعفت نفسي ثم اطلعت على ما هممت به مما سبقت به الركبان ولم يعلمه أحد فعرفت أنك ممنوع وأنك على حق وأن حزب أبي سفيان حزب الشيطان فجعل النبي (صلى الله عليه وسلم) يتبسم وأقام وأقام أياما ثم استأذن النبي (صلى الله عليه وسلم) فخرج من عنده ولم يسمع له بذكر وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعمرو بن أمية الضمري ولسلمة بن أسلم بن حريش أخرجا حتى تأتيا أبا سفيان بن حرب فإن أصبتما منه غرة فاقتلاه قال عمرو فخرجت أنا وصاحبي حتى أتينا بطن يأجج فقيدنا بعيرنا فقال لي صاحبي يا عمرو هل لك في أن تأتي (2) مكة فتطوف بالبيت سبعا (3) وتصلي ركعتين فقلت إني أعرف بمكة من الفرس الأبلق وإنهم إن رأوني عرفوني وأنا أعرف بأهل مكة إنهم إذا أمسوا تضجعوا بأفنيتهم فأبى أن يطيعني فأتينا مكة فطفنا سبعا (3) وصلينا ركعتين فلما خرجت لقيني معاوية بن أبي سفيان فعرفني وقال عمرو بن أمية فأخبر أباه فنذر بنا أهل مكة فقالوا ما جاء عمرو في خير وكان عمرو رجفاتكا في الجاهلية فحشد أهل مكة وتجمعوا وهرب عمرو وسلمة وخرجوا في طلبهما وأسندا (4) في الجبل قال عمرو فدخلت غارا فتغيبت عنهم حتى أصبحت وباتوا يطلبون في الجبل وعمى الله عليهم طريق المدينة أن يهتدوا لراحلتنا فلما كان الغد ضحوة أقبل عبيد الله (5) بن مالك بن عبيد الله التيمي يختلي لفرسه حشيشا فقلت لسلمة إن أبصرنا أشعر بنا أهل مكة وقد أقصروا عنا فلم يزل يدنو من باب الغار حتى أشرف علينا فخرجت إليه فطعنته طعنة تحت الثدي بخنجري وسقط فصاح فأسمع أهل مكة فأقبلوا بعد تفرقهم ودخلت الغار وقلت لصاحبي لا تحرك فأقبلوا حتى أتوا عبيد الله (5) بن مالك فقالوا من قتلك قال عمرو بن أمية قال أبو سفيان قد علمنا أنه لم
(٤٢٧)