كان عمر بن هبيرة يقول اللهم إني أعوذ بك من طول الغفلة وإفراط الفطنة اللهم لا تجعل قولي فوق عملي ولا تجعل أسوأ عملي ما قرب من أجلي أخبرنا أبو العز بن كادش إذنا ومناولة وقرأ علي إسناده أنا محمد بن الحسين أنا المعافى بن زكريا (1) نا محمد بن الفتح القلانسي نا ابن أبي عمرو الشيباني عن أبيه عن أبي عبد الرحمن الطائي قال قال لي عبد الرحمن (2) بن يزيد القيسي بينا أنا واقف على رأس ابن هبيرة وبين يديه سماطان من وجوه الناس إذ أقبل شاب لم أر في مثل جماله وكماله حتى دنا من ابن هبيرة فسلم عليه بالإمرة فقال أصلح الله الأمير امرؤ قدحته كربة وأوحشته غربة (3) ونأت به الدار وحل به عظيم خذله أخلاؤه وشمت به أعداؤه وأسلمه البعيد وجفاه القريب فقمت مقاما لا أرى لي فيه معولا ولا حازبا إلا الرجاء لله تعالى وحسن عائدة الأمير وأنا أصلح الله الأمير ممن لا تجهل أسرته ولا تضيع حرمته فإن رأى الأمير أصلحه الله أن يسد خلتي ويجبر خصاصتي يفعل فقال ابن هبيرة ممن الرجل قال من الذين يقول لهم الشاعر * فزارة بيت العز والعز فيهم * فزارة قيس حسب قيس فعالها لها العزة القصوى مع الشرف الذي * بناه لقيس في القديم رجالها وهل أحد إن مد يوما بكفه * إلى الشمس في مجرى النجوم ينالها لهيهات ما أعيا القرون التي مضت * مآثر قيس واعتلاها فعالها * فقال ابن هبيرة إن هذا الأدب لحسن (4) مع ما أرى من حداثة سنك فكم أتى لك من السن قال تسع وعشرين سنة فلحن الفتى وأطرق ابن هبيرة كالشامت به ثم قال أو لحان أيضا مجميل ما أتى عليه منطقك شنته والله بأقبح العيب قال فأبصر الفتى ما وقع فيه فقال إن الأمير أصلحه الله عظم في عيني وملأت هيبته (5) صدري فنطق لساني بما لم يعرفه قلبي فوالله إلا (6) ما أقالني الأمير عثرتي عندما كان من زلتي فقال ابن هبيرة وما
(٣٧٩)