تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج ٤٤ - الصفحة ٣٣٧
لما فتحنا مصر أتى أهلها عمرو بن العاص حين دخل بوونة (1) من أشهر العجم فقال أيها الأمير إن لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها فقال لهم وما ذاك فقالوا إذا كان ثنتا عشرة ليلة تخلو من هذا الشهر عمدنا (2) إلى جارية بكر بين أبويها فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون ثم ألقيناها في هذا النيل فقال لهم عمرو إن هذا الأمر لا يكون أبدا في الإسلام وإن الإسلام يهدم ما كان قبله فأقاموا بؤونة وأبيب ومسرى (3) لا يجري قليل ولا كثير (4) حتى هموا بالجلاء فلما رأى ذلك عمرو كتب إلى عمر بن الخطاب بذلك فكتب إنك قد أصبت بالذي فعلت وإن الإسلام يهدم ما كان قبله وبعث ببطاقة في داخل كتابه وكتب إلى عمرو إني قد بعثت إليك ببطاقة في داخل كتابي إليك فألقها في النيل فلما قدم كتاب عمر على عمرو بن العاص أخذ البطاقة ففتحها فإذا فيها من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل مصر أما بعد فإن كنت إنما تجري من قبلك فلا تجر وإن كان الله الواحد القهار يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن (5) يجريك فألقى البطاقة في النيل قبل الصليب بيوم وقد تهيأ أهل مصر للجلاء والخروج منها لأنه لا تقوم مصلحتهم فيها إلا بالنيل فلما ألقى البطاقة أصبحوا يوم الصليب وقد أجراه الله ستة عشر ذراعا في ليلة واحد فقطع الله تعالى تلك السنة السوء عن أهل مصر إلى اليوم أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد وأبو القاسم غانم بن محمد بن عبيد الله ثم حدثني أبو مسعود عبد الرحيم بن علي أنا جدي أبو القاسم غانم وأبو علي الحسن بن أحمد وأبو منصور محمد بن عبد الله بن مندوية العدل وأبو سعد محمد بن علي بن محمد وأخبرنا أبو طالب محمد بن محفوظ بن الحسن بن القاسم الثقفي أنا أبو علي الحداد قالوا أنا أبو نعيم الحافظ نا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس نا أبو

(1) في " ز ": بؤنه.
(2) بالأصل: " عندنا " تصحيف، والتصويب عن م، و " ز "، وفتوح مصر.
(3) هي ثلاثة من أشهر العجم، بؤنة: جزيران، وأبيب: تموز، ومسرى: آب (عن هامش المطبوعة).
(4) كذا بالأصل وم و " ز "، وفي فتوح مصر واخبارها: لا يجري قليلا ولا كثيرا.
(5) الزيادة عن " ز " وفتوح مصر واخبارها. واللفظة ليست في م أيضا.
(٣٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 ... » »»