السيرة وكثر القتل حتى تجاوز ما فعله أخوه وتضاعف قبح (1) فعله على فعله وقتل الأطفال ونابذ الإسلام وأهله ولم يتعلق منه بشئ فخرج المكتفي بالله إلى الرقة وسير إليه الجيوش فكانت له وقائع وزاد بأيامه على أيام أخيه في المدة والبلاء حتى هزم وهرب فظفر به في موضع يقال له الدالية (2) بناحية الرحبة فأخذ أسيرا وأخذ معه ابن عم له يقال له المدثر كان قد رشحه للأمر بعده وذلك في المحرم سنة إحدى وتسعين وانصرف المكتفي بالله إلى بغداد وهو معه فركب المكتفي ركوبا ظاهرا في الجيش والتعبئة وهو بين يديه على الفيل وجماعة من أصحابه على الجمال مشهرين بالبرانس وذلك يوم الاثنين غرة ربيع الأول من سنة إحدى وتسعين ثم بنيت له دكة في المصلى وحمل إليها هو وجماعة أصحابه فقتلوا عليها جميعا في ربيع الآخر بعد أن ضرب بالسياط وكوي جبينه (3) بالنار وقطعت منه أربعة ثم قتل ونودي في الناس فخرجوا مخرجا عظيما للنظر إليه وصلب بعد ذلك في رحبة الجسر وقيل إنه وأخوه من قرية من قرى الكوفة يقال لها الصوان وهما فيما ذكر ابنا زكرويه بن مهرويه القرمطي الذي خرج في طريق مكة في آخر سنة ثلاث وتسعين ومائتين وتلقى الحاج في المحرم سنة أربع وتسعين فقتلهم قتلا ذريعا لم يسمع قبله بمثله واستباح القوافل وأخذ شمسه البيت الحرام وقيل ذلك ما دخل الكوفة يوم الأضحى بغتة وأخرج منها ثم لقيه جيش للسلطان بظاهر الكوفة بعد دخوله إياها وخروجه عنها فهزمهم وأخذ ما كان معهم من السلاح والعدة فقوي (4) بها وعظم أمره في النفوس وهلك (5) السلطان وأجلبت معه كلب وأسد وكان يدعى السيد ثم سير إليه السلطان جيشا عظيما فلقوه بذي قار بين البصرة والكوفة في الفراض (6) فهزم وأسر جريحا ثم مات وكان أخذه أسيرا يوم الأحد لثمان بقين من ربيع الأول سنة أربع وتسعين بعد أن أسر
(٦٤)