المعافى بن زكريا (1) نا علي بن محمد الجهم أبو طالب الكاتب حدثني أبو العباس محمد بن عبيد (2) الله بن عبد الله بن طاهر حدثني أبي عن أحمد بن إسرائيل قال صرت يوما إلى عبيد الله بن يحيى بن خاقان فلما صرت في صحن الدار رأيته مضطجعا على مصلاه موليا ظهره باب مجلسه فهممت بالرجوع فقال لي الحاجب أدخل فإنه منتبه فلما سمع حسي جلس فقلت حسبتك نائما قال لا ولكني مفكرا قلت فيما أعزك الله قال فكرت في أمر الدنيا وصلاحها في هذا الوقت واستوائها ودرور الأموال وأمن السبل (3) وعز الخلافة فعلمت أنها أمكر وأنكر وأغدر من أن يدوم صفاؤها لأحد قال فدعوت له وانصرفت فما مضت أربعون ليلة منذ ذلك اليوم حتى قتل المتوكل ونزل به من النفي ما نزل قرأت في كتاب محمد بن عبد الله القهستاني قال قال أحمد بن أبي طاهر تقلد عبيد الله بن يحيى بن خاقان الوزارة مرتين وكان نفي في وقت النكبة إلى برقة فاجتاز بدمشق وعيسى بن الشيخ يتقلدها فلقيه عيسى بن الشيخ وترجل له وأعظمه وبره وأكرمه وخدمه حتى كأن عبيد الله يسير بالليل في قبة وعيسى يسير بين يديه الليل كله على ظهر دابته (4) فلما أصبح عبيد الله توجه إلى عيسى ابن الشيخ يسأله عن خبره وكيف كان مبيته وهو لا يشك أنه كان أيضا في قبة فقيل له أبو موسى كان بين يديك يسير على ظهر دابته منذ أول الليل إلى الساعة فلما تقلد عبيد الله بن يحيى الوزارة المرة الثانية حفظ له ذلك ولم يزل حتى قلده الديار البكرية وإرمينية أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي وغيره عن أبي بكر الخطيب أنا محمد بن محمد بن المظفر بن السراج أنا محمد بن عمران بن موسى المرزباني أخبرني محمد بن يحيى قال من أول ما مدح به البحتري عبيد الله بن يحيى في أيام المتوكل قوله (5) * يا عارضا متلفعا ببروده * يختال بين بروقه ورعوده * أنشدنيها أحمد بن محمد قال أنشدني أبو الغوث يعني ابن البحتري ومن مختارها (5):
(١٤٦)