أنشدنا لنفسه على لسان الأديب نصر الهيتي يرثي مقلى انكسرت له * لقد جار هذا الدهر في الحكم واستعلا * وجرعني كأسا أمر من الدفلا وحملت من أهواله فوق طاقتي * ولكنها هانت لحزني على المقلا أتانا بها من أرض بيروت تاجر * وأنزلها قبلي دار أبي يعلا فجئت وقد حددت أذني نحوها * أخطى بها شبه الحمار إذا أدلا وقد راقني منها صفاء وبهجة * كأن عليها سندر وسابة تطلا ترى عروبتها والحروف صحيحة * فلا حرف منها إن تأملت معتلا وقلت له أنفقت بيعك فاقتصد * إذا سمتنا والزم طريقتك المثلا فإني أنا الهيتي أشعر من نشأ * وأفضل مخلوق مشى واحتذى نعلا أشدهم بأسا وأنداهم يدا * وأسمحهم نفسا وأكرمهم فعلا فوزني ثلاثين من نقد جلق * وكان على الوزن مذ لم أزل سهلا * وجزت بها في دار سيف وإنها * لفي ناظري من كل مقلا بها أحلا ولست ترى يوما أشد استدارة * وأحسن منها إن تأملتها شكلا أخاف عليها العين حين أزفها * إلى منزلي شبه العروس إذا تجلا فطورا أواريها بكمي وتارة * أجردها مثل الحسام إذا سلا * (فحين حواها أثر ذلك مطبخي * نقلت إليه الفحم والحطب الجزلا وأعددتها ذخرا لترويح طعمنا * وللشحم إذ يسلى وللبيض إذ يقلا أحمص فيها كف لوز وحمص * وطورا أقلي كف قمح وباقلا وأكرم أضيافي بذاك إذا انتشوا * وأتركه ما بين أيديهم نقلا فما أكثر الحساد فيها وقولهم * ورب شبيه ما رأينا لها مثلا وقولهم لو كنت آثرتنا بها * وقد علموا أني لها منهم أولى وكم طلبوا أن يوكسوها بجلهم (1) * وأوهمهم أني أفاخرهم هزلا فما وجدوا فيها مقالا لعاتب * ولا نالها وصم فترفض أو تقلا فلما أراد الله إنفاذ حكمه * وكان قضاء الله في خلقه عدلا * (أتاح لها حطبا (2) من الدهر فاتكا * فأودى بها هلكا وغادرني عطلا
(١٢١)