عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فقال يا عبيد الله (1) رد السامن ولهم تسمح لك نفسي بذلك بعد ولكن أقعد فجاءوا بوسادة فثنيت فقعد عليها فقال له لقد بلغني أنه كانت لك قصة عجيبة مع ملك النوبة فما هي قال يا أمير المؤمنين لا والذي أكرمك بالخلافة ما أقدر على النفس من ثقل الحديد ولقد صدئ قيدي مما أرشش عليه من البول وأصب عليه الماء في أوقات الصلاة فقال يا مسيب أطلق عنه حديده ثم قال نعم يا أمير المؤمنين لما قصد عبد الله بن علي إلينا كنت المطلوب من بين الجماعة لأني كنت ولي عهد أبي من بعده فدخلت إلى خزانة فاستخرجت منها عشرة آلاف دينار ثم دعوت عشرة من غلماني وحملت كل واحد على دابة ودفعت إلى كل غلام ألف دينار وأوقرت خمسة أبغل فرشا (2) وشددت في وسطي جوهرا له قيمة مع ألف دينار وخرجت هاربا إلى بلاد النوبة فسرت فيها ثلاثا فوقفت إلى مدينة خراب فأمرت الغلمان فعدلوا إليها وكشحوا منها ما كان قذرا ثم فرشوا (3) بعض تلك الفرش ودعوت غلاما لي كنت أثق بعقله فقلت انطلق إلى الملك فاقرئه مني السلام وخذ لي من الأمان وابتع لي ميرة قال فأبطأ علي حتى سؤت به ظنا ثم أقبل ومعه رجل آخر فلما أن دخل كفر (4) لي ثم قعد بين يدي فقال لي الملك يقرأ عليك السلام ويقول لك من أنت وما جاء بك إلى بلادي أمحارب أم راغب إلى أم مستجير بي قلت ترد على الملك السلام وتقول له أما محاربا فمعاذ الله وأما راغبا في دينك فما كنت أبغي بديني بدلا وأما مستجير بك فلمعمري قال فذهب ثم رجع إلي (5) فقال إن الملك يقرأ عليك السلام ويقول لك أنا صائر إليك غدا فلا تحدثن في نفسك حدثا ولا تتخذ شيئا من ميرة فإنها تأتيك وما تحتاج إليه فأقبلت الميرة فأمرت غلماني ففرشوا ذلك الفرش كله وأمرت بفرش فنصبت له ولي مثله وأقبلت من غد أرقب مجيئه فبينا أنا كذلك إذ أقبل غلماني يحضرون (6) قالوا إن الملك قد أقبل فقمت بين شرفتين من شرف القصر أنظر إليه فإذا أنا برجل قد لبس بردين ائتزر بأحدهما وارتدى الآخر حاف راجل وإذا عشرة معهم الحراب ثلاثة يقدمونه وسبعة خلفه وإذا الرجل الموجه إلي جنبة فاستصغرت أمره
(١١٨)