سيحان لا يظن أن مروان يفعل به الذي فعله قد كان مدحه ابن سيحان (1) ووصله مروان ولكن مروان أراد فضيحة الوليد فوجده (2) ليلة في المسجد وكان ابن سيحان يخرج من السحر من عند الوليد ثملا فيمر في المقصورة من المسجد حتى يخرج في زقاق عاصم وكان محمد بن عمرو يبيت في المسجد يصلي وكذلك عبد الله بن حنظلة وغيرهما من القراء فلما خرج ابن سيحان ثملا من دار الوليد أخذه مروان وأعوانه ثم دعا (3) له محمد بن عمرو وعبد الله بن حنظلة وأشهدهما على سكره وقد سأله أن يقرأ أم الكتاب فلم يقرأها فدفعه إلى شرطه فحبسه فلما أصبح الوليد بلغه الخبر وشاع في المدينة وعلم أن مروان إنما أراد أن يفضحه وأنه لو لقي ابن سيحان ثملا خارجا من عنده لم يتعرض له فقال الوليد لا يبرئني من هذا عند أهل المدينة إلا ضرب ابن سيحان فأمر صاحب شرطه فضربه الحد ثم أرسله فجلس ابن سيحان في بيته لا يخرج حياء من الناس فجاءه عبد الرحمن بن الحارث بن هشام في ولده وكان له جليسا فقال له ما يجلسك في بيتك قال الاستحياء من الناس قال اخرج أيها الرجل وكان عبد الرحمن قد حمل له معه كسوة فقال له ألبسها ورح معنا إلى المسجد فهذا أحرى أن يكذب به مكذب ثم تدخل إلى أمير المؤمنين فتخبره بما صنع بك الوليد فإنه يصلك ويبطل هذا الحد عنك فراح مع عبد الرحمن في جماعة ولده متوسطا لهم حتى دخل المسجد فصلى ركعتين ثم تساند مع عبد الرحمن إلى الأسطوانة وقائل يقول لم يضرب وقائل يقول عزر أسواطا فمكث أياما ثم رحل إلى معاوية فدخل على (4) يزيد وكلم يزيد أباه معاوية في أمره فدعا به وأخبره بقصته وما صنعه به مروان فقال قبح الله الوليد ما أضعف عقله أما استحيا من ضربك فيما شرب وأما مروان فإني ما كنت أحسبه يبلغ هذا منك مع رأيك فيه ومودتك له ولكنه أراد أن يضع الوليد عندي ولم يصب وقد صير نفسه في حد كنا ننزهه عنه صار شرطيا ثم قال لكاتبه اكتب بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله معاوية أمير المؤمنين إلى الوليد بن عتبة أما بعد فالعجب لضربك ابن سيحان فيما شربت منه ما زدت على أن عرفت أهل المدينة ما كنت تشربه مما حرم عليك وإذا جاءك كتابي هذا فأبطل الحد عن ابن سيحان وطف به في حلق المسجد وأخبرهم أن صاحب شرطتك تعدى عليه وظلمه وان أمير المؤمنين قد أبطل ذلك عنه أليس ابن سيحان الذي يقول *
(١٨٠)