تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج ٣٠ - الصفحة ٤١٨
وما لقيت منكم أيها المهاجرون أشد من وجعي هذا إني وليت أمركم خيركم في نفسي وكلكم ورم من ذلك أنفه يريد أن يكون الأمر له وكانت الدنيا قد أقبلت ولما تقبل وهي مقبلة حتى تتخذوا ستور الحرير ونضائد الديباج وحتى يألم أحدكم على الصوف الآدمي (1) كما يألم أحدكم على حسك السعدان (2) فوالذي نفسي بيده لأن يقدم أحدكم فيضرب عنقه من غير حد خير له من أن يخوض غمرة الدنيا ثم أنتم غدا أول ضال بالناس يمينا وشمالا لا تصفعونهم على الطريق يا هادي الطريق جرت إنما هو الفجر أو البحر قال فقال له عبد الرحمن خفض عليك يرحمك الله فإن هذا يهيضك (3) لما بك إنما الناس في أمرك رجلان إما رجل رأى ما رأيت فهو معك وأما رجل رأى ما لم تر فهو يشير عليك بما تعلم وصاحبك كما تحب أو كما يحب ولا نعلمك أردت إلا الخير ولم تزل صالحا مصلحا مع أنك لا تأسى من الدنيا قال أجل والله ما أصبحت آسى من الدنيا على شئ إلا على ثلاث فعلتهن وثلاث ألا أكون سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عنهن فأما الثلاث التي فعلتهن فوددت أني تركتهن أني يوم سقيفة بني ساعدة ألقيت هذا الأمر في عنق هذين الرجلين يعني عمر وأبا عبيدة فكان أحدهما أميرا وكنت وزيرا وودت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة عن شئ مع أنهم أغلقوه على الحرب ووددت أني لم أكن حرقت الفجاءة السلمي وأني كنت قتلته سريحا أو خليته نجيحا وأما الثلاث التي تركتهن ووددت أني كنت فعلتهن وددت أني يوم وجهت خالد بن الوليد إلى أهل الشام وجهت عمر بن الخطاب إلى أهل العراق فكنت قد بسطت كلتا يدي في سبيل الله ووددت أني حين أتيت بالأشعث بن قيس أسيرا ضربت عنقه فإنه يخيل إلي أنه لا يرى شرا إلا أعان عليه ووددت أني سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لمن هذا الأمر بعده فلا ينازعه أحد ووددت أني سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هل للأنصار فيه شئ ووددت أني سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن ميراث بنت الأخ والعمة فإن في نفسي منها شئ

(1) كذا بالأصل وم، وفي مختصر ابن منظور: " الأذربي ".
(2) السعدان: نبت له شوك كبار.
(3) يهيضك، هاضه الأمر يهيضه هيضا، والهيض: الكسر بعد الجبر، وهو أشد ما يكون من الكسر.
(٤١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 ... » »»