هي وانقشعت عنه هيبة الملك والسلطان ثم خرج من عندها فوجد ما له من الشياطين قعودا على منبره وكان قبل ذلك لا يرام ووجد على كرسيه أشبه الناس صورة به فيقال إن ذلك معنى قول الله عز وجل " وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب " (1) قال ثم قام إليه خادم له من الجن فاستل خاتمه من أصبعه فأبق به وكانت الجن قبل ذلك لا يرومونه فلما أخذ الجني الخاتم وكان عفريتا ماردا ذا رأي في نفسه فقال ما أخذت خاتم سليمان ولا وصلت إليه إلا بذنب بينه وبين الله وما آمن أن يرد الله ملكه فلأطرحن هذا الخاتم مطرحا لا يقدر عليه أبدا ثم انطلق سريعا حتى ألقاه في اللجة الخضراء وأوحى الله إلى سليمان لمن ذبحت الجرادة التي قربتها لامرأتك فإن كنت ذبحتها لي فقد صغرت أمري وما سبقك إلى ذلك أحد وقد علمت أنه لا يذبح إلا ذات رغاء أو خوار أو ثغاء وإن كنت قد ذبحتها لصنم امرأتك فلأقلبك من العزة بي أما كفاك أنك تزوجتها وهي مشركة فلم أعاتبك فيها فلما فرغ إليه من القول شذ من أهله مرعوبا أربعين ليلة يعير (2) كما تعير الدابة يبكي على نفسه ويعدد على خطيئته ويستغفر ربه فلما أخبرت امرأته بالذي أصابه في سببها أحزنها ذلك وأبكاها فأسلمت رجاء أن يرد الله إليه ملكه فلما مضت لسليمان أربعون ليلة تاب الله عليه وغفر له وانصرف وقد أجهده الجوع فمر بساحل من (3) البحر وإذا بحوت يضطرب فضرب بيده إلى الحوت فأخذه ليأكله فلما فرى بطنه وجد فيه خاتمه فازداد بذلك خوفا وعجبا (4) ووجلا فعاد إليه ملكه أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفرضي أنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم وأبو محمد عبد الله بن عبد الرزاق بن الفضيل قالا أنا محمد بن عوف بن أحمد المزني أنا الحسن بن منير بن أحمد التنوخي أنا محمد بن خريم نا هشام بن عمار نا عبد الله بن كثير نا أبو رافع أنا دويد بن نافع أن سليمان بن داود كانت عنده مجوسية امرأة له فقالت له يوما من الأيام في عيد كان لها اعطني بقرة أذبحها لعيدنا قال لا قالت فأعطني شاة قال لا قالت
(٢٤٧)