ترك كلما يشغله عن الله حتى يكون الشغل بالله وحده ثم قال إن من علامة المحبين لله أن لا يأنسوا بسواه ولا يستوحشوا معه ثم قال إذا سكن حب الله القلب أنس بالله لأن الله أجل في قلوب العارفين من أن يحبوا سواه أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم أنبأ رشأ بن نظيف أنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل نا أحمد بن مروان المالكي نا محمد بن عبد الله الرزاز قال سمعت ذا النون المصري يقول إن لله عبادا نصبوا أشجار الخطايا نصب رامق القلوب وسقوها بماء التوبة فأثمرت نعما وأحزانا فجنوا من خير جنون وتبلدوا من غير عيوبهم ذلا بكم وإنهم لهم الفصحاء البلغاء الرزناء العارفون بالله وبرسوله وبأمر الله ثم شربوا بكأس الصفا فورثوا الصبر على طول البلاء حتى تولهت قلوبهم في الملكوت وجالت بين سرايا حجب الجبروت فاستظلوا تحت رواق الندم فقرؤا صحيفة الخطايا وأورثوا أنفسهم الجزع حتى وصلوا علو علو (1) الزهد بسلم الورع واستعذبوا مرارة الترك للدنيا واستلانوا خشونة المضجع حتى ظفروا بحبل النجاة وعروة السلامة وسرحت أرواحهم في العلا وجعلت قلوبهم في خفية خفيات الهوى حتى أناخوا في رياض النعيم وجنوا من ثمار النسيم وخاضوا في بحر النجاة وأردموا خنادق الجزع (2) وغيروا جسور الهوى حتى أناخوا بفناء العلم فاستقوا (3) من غدير الحكمة وركبوا بالحياة سفينة الفطنة فأقلعوا بربح النجاة في بحر السلامة حتى وصلوا إلى رياض الراحة ومعدن العز والكرامة أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع ثنا سليمان بن إبراهيم بن محمد وسهل بن عبد الله بن علي وأبو شكر غانم بن عبد الواحد بن عبد الرحيم الخطيب وأبو الخير محمد بن أحمد الإمام وأحمد بن عبد الرحمن بن محمد الذكواني (4) وأبو بكر محمد بن علي بن محمد بن جولة ورجاء بن عبد الواحد بن عبد الله بن قولويه [* * * *]
(٤١٧)